عماد الدين أديب
جسد الاقتصاد المصرى يحتاج إلى علاج، والعلاج صعب، ويحتاج إلى قدرة على التحمل لأن الدواء مر وشديد المرارة.
هذا الدواء المر تراكمت على مرِّ العهود محاولات الهروب منه منذ عهد السادات إلى مبارك إلى المجلس العسكرى وصولاً إلى الإخوان.
لم يجرؤ أحد على التعامل مع مسألة الدعم بشكل عام أو الاقتراب من دعم الطاقة بكل أشكالها.
الأرقام تقول إن خزانة البلاد تكلفت 670 مليار جنيه خلال عشر سنوات على هيئة دعم للطاقة. وتحاول حكومة المهندس إبراهيم محلب مواجهة المشكلة التى تهرّب من حلها كل رؤساء الحكومات فى مصر وقاموا باختيار الحل السهل وهو استمرار الدعم للطاقة وليكن ما يكون، وليتم تصدير هذه الأزمة وتأجيل الحل إلى حكومة أخرى فى المستقبل القريب أو البعيد تستطيع أن تتحمل الكلفة السياسية والأمنية لهذا القرار الصعب.
أحياناً يكون القرار الصحيح هو القرار الأكثر إيلاماً. أحياناً أيضاً لا يتحمل جسد المريض مرارة الدواء أو ردود فعله وتأثيراته ومضاعفاته. وما نشهده هذه الأيام من ردود فعل على قرارات رفع الدعم عن الطاقة هو «مرحلة التعبير عن مضاعفات الدواء المر والشكوى من القرار الصحيح المؤجل تاريخياً منذ أكثر من 40 عاماً».
حكومات كثيرة فى اليونان وإسبانيا والبرتغال وفرنسا دفعت ثمن محاولات تقديم الدواء المر الذى يجب أن يتجرعه المجتمع من أجل الإصلاح الاقتصادى المنشود. وفى بعض المجتمعات نجحت الحكومات فى تمرير مسألة قبول هذا الدواء مثل حالات مجتمعات اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة. هناك مجتمعات لم ترغم الجميع على دفع فاتورة واحدة مثل تجربة الصين التى أنشأت المقاطعات الصناعية الخاصة التى يحصل من فيها على مرتبات مجزية ولا يحصلون بالتالى على أى دعم للسلع أو الخدمات.
إنها مرحلة صعبة، وظروف شديدة الدقة، وهى مرحلة اختبار مؤلمة، لكنها مرحلة العلاج التى لا بديل عنها، التى أصبح فيها الدواء دون فاعلية واستلزم الأمر أن يقوم الطبيب بإجراء جراحة عاجلة.
السؤال: هل يتحمل جسد المريض المرهق على مر السنين هذه الجراحة؟