توقيت القاهرة المحلي 11:21:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زجاجة عطر لكل إرهابي

  مصر اليوم -

زجاجة عطر لكل إرهابي

عماد الدين أديب

حينما قررت الطبقة البرجوازية الصغيرة فى فرنسا أن النظام الملكى لم يعد مناسباً لطموحاتها فى الصعود الطبقى، قادت واحدة من أشهر الثورات فى العصر الحديث، وهى الثورة الفرنسية.

رفعت الثورة شعار «حرية، إخاء، مساواة» ودفعت ثمناً باهظاً لها من دماء شعبها وطبقاتها الحاكمة.

الشىء الأهم الذى بقى من الثورة هو مبادئها المنيرة والسامية التى أضاءت نفوس وقلوب الفكر الإنسانى، بصرف النظر عن نتائج ثورة فى مخاضها الطويل الذى أدى إلى صعود «نابليون» وتحوله إلى «إمبراطور مخلّد».

وأصبحت فرنسا هى دولة الإشعاع الفكرى، وتحولت باريس إلى عاصمة النور وأصبح كتّابها ومفكروها وشعراؤها يشكلون قاعدة للضمير الإنسانى والفكر المستنير.

أصبحت مقراً لمنظمة اليونيسكو، وتحولت العاصمة الفرنسية إلى منبر للفكر وحقوق الإنسان.

لذلك كله يصبح من الأمور المذهلة ما صرح به الرئيس الفرنسى «أولاند» أمام اجتماع الاتحاد الأوروبى منذ أيام.

قال الرئيس الفرنسى لقادة أوروبا: «إننى أستأذنكم بأن تتوقف فرنسا عن تطبيق اتفاقية حقوق الإنسان وعن الالتزام ببنودها لفترة من الزمن رغم أنها كانت من الدول المؤسسة للاتفاقية الدولية وأحد الذين سطروا بنود ميثاقها».

هل يصدق أحد هذا الكلام؟

هل يصدق أحد أن يطالب الرئيس الفرنسى بتجميد قيام بلاده بالالتزام ببنود الاتفاق الدولى لحقوق الإنسان؟!

نعم! إنها الحقيقة المُرة.. والسبب يرجع بالطبع إلى اضطرار الرئيس للجوء إلى إجراءات استثنائية فى مواجهة عمليات الإرهاب المحتملة التى تواجه بلاده فى الوقت الحاضر.

اكتشفت السلطات الفرنسية أن مواجهة هيستيريا وجنون الإرهاب التكفيرى لا يمكن أن تتم فى ظل قوانين عادية لتتعامل مع المتهم بأنه متهم حتى تثبت إدانته، ولا تعطى الحق للشرطة باستخدام العنف إلا تحت شروط قاسية تجرد قوات الأمن من استخدام الحق الشرعى فى مواجهة العنف.

اكتشفت السلطات الفرنسية أنها لا تستطيع تأجيل مداهمة منزل يشتبه أنه يحوى مجموعة من المتهمين بالإرهاب حتى يتم استصدار تصريح من المدعى العام فى باريس مروراً بسلسلة معقدة من الإجراءات البيروقراطية.

وفى التاريخ المعاصر لجأ الرئيس جورج بوش الابن إلى الكونجرس لإصدار تشريع اسمه قانون «حماية الوحدة الوطنية» يعطى السلطات حق توسيع دائرة الاشتباه والتنصت والمتابعة والاعتقال الفورى لمدة تصل لـ6 أشهر لأى مواطن أو مقيم على الأراضى الأمريكية.

فى بريطانيا، قال رئيس الوزراء كاميرون منذ سنوات عقب عمليات الإرهاب فى لندن: «عندما يتعرض الوطن للإرهاب لا تحدثونى عن حقوق الإنسان».

هل هذا يعنى استباحة حقوق الإنسان أو إهدارها؟ بالطبع لا، ولكن العنف والإرهاب لا يمكن أن يعامَل باللطف والأدب وتقديم باقات الزهور وزجاجات العطر للقتلة والسفاحين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زجاجة عطر لكل إرهابي زجاجة عطر لكل إرهابي



GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 08:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon