توقيت القاهرة المحلي 10:36:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عجائب لا تحدث إلا في مصر

  مصر اليوم -

عجائب لا تحدث إلا في مصر

عماد الدين أديب

مصر، مثلاً، هى أول دولة فى التاريخ علّمت البشرية الزراعة المتقدمة فى عصر الفراعنة، وكانت «الحنطة» ترسم على جدران الفراعنة، ومنذ أكثر من نصف قرن أصبحت بلادنا هى أكبر مستورد فى العالم للقمح.

مصر، مثلاً، كانت مخازنها، وقت الفراعنة، الأكثر ازدحاماً بالخضر والفاكهة والبقول، واليوم تعانى أسواقها من عدم توافر هذه المواد لشعب مصر الصبور.

مصر، مثلاً، كما قال سيد درويش متغنياً بالنيل العظيم: «عطشان يا صبايا، عطشان يا مصريين، عطشان والنيل فى بلادنا جارى على الصفّين».

فى بلادنا النيل العظيم، وخزان المياه الجوفية الأعظم، ورغم ذلك هناك أكثر من 3500 قرية مصرية بلا مياه نظيفة.

مصر، مثلاً، فيها سواحل ممتدة على البحر الأحمر والبحر الأبيض، والنيل العظيم، وبحيرات فرعية، ورغم ذلك تعانى من نقص حاد فى الثروة السمكية.

آخر الأزمات والأعاجيب التى نحياها هى حالة «نفوق الأسماك» فى النيل والبحيرات، رغم حاجة ملايين الجوعى لسمكة واحدة تحل مشاكل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء.

ومنذ أيام، وهناك توجيهات من الحكومة لمعرفة أسباب تلوث المياه ومعرفة من هى الجهات المسئولة عن ضياع ثروتنا السمكية.

ليس مهماً أن تكون لديك ثروة فى أى مجال، ولكن الأهم هو أن تعرف كيف تحسن استغلالها وتقوم بتعظيم الفائدة القصوى منها.

لو تأملنا شبه جزيرة سيناء وحجم الثروات الطبيعية فيها من معادن وأحجار كريمة وأرض صالحة للزراعة ورمال وأحجار جيرية تساعد على صناعة مواد البناء والشبّة الطبيعية والزجاج، سوف نشعر بحجم الجريمة التاريخية التى ارتكبناها على مدى عقود فى حق هذه المنطقة الاستراتيجية فى بلادنا.

وليس غريباً أن تكون سيناء -صاحبة النصيب الأكبر من الإهمال فى التنمية- هى البيئة الأكثر جذباً للفكر التكفيرى والأعمال الإرهابية.

علينا أن نعترف، بكل شجاعة فى مواجهة النفس، أننا نسىء إساءة بالغة فى إدارة مواردنا الطبيعية فى الوقت الذى ننشغل فيه بمحاولة التساؤل والإجابة عن أسئلة تاريخية عقيمة مثل: هل كان محمد على رائداً للنهضة أم كان صاحب أحلام إمبراطورية؟ هل كان إسماعيل باشا مسرفاً فى ثروة مصر أم أحد أكبر بُناة مصر الحديثة؟ هل كان سعد زغلول باشا لاعباً للقمار أم كان رائداً وقائداً لثورة 1919؟ وهل كان طه حسين عميلاً للفكر الفرانكفونى أم محدوداً فى الفكر؟ هل كان الملك فاروق حاكماً يسعى فقط لملذاته أم عاشقاً لتراب الوطن؟ وهل كانت حركة الضباط فى 23 يوليو 1952 انقلاباً أم ثورة اجتماعية؟ وهل كانت أم جمال عبدالناصر يهودية أم كان زعيماً قومياً؟ وهل كان أنور السادات عميلاً للقصر الملكى أم ضابطاً وطنياً؟ وهل كان عهد الرئيس حسنى مبارك سبباً فى تأخر مصر أم كان أفضل عهود مصر فى تحقيق معدلات التنمية؟

وأستطيع أن أستمر لطرح أسئلة مماثلة تملأ مجلدات دون أن أتوقف، ودون التوصل إلى إجابات شافية.

نحن بحاجة إلى التفكير وتركيز جهودنا فى تحسين حال المواطن المصرى، وفى تعليم أبنائه، وعلاج أسرته، ورفع إنتاجية زراعته، وفى توفير موارد جديدة تؤمّن لقمة عيش شريفة للشباب وترفع معدلات التنمية.

وما بين المناقشات العقيمة بين أيهما أفضل بين عهدى عبدالناصر أو الملكية، أو بين عهدى ناصر أو السادات، أو مبارك والثورة، أو بين حكم ثورة يناير أو ثورة يونيو، تفقد الأمة طاقتها وجهودها وتستمر فى إرهاق العقل الجمعى المصرى بأسئلة يجب أن تُترك للباحثين المتخصصين.

حضارة الفراعنة، وانتصارات بيبرس وصلاح الدين وحرب أكتوبر كانت أفعالاً عظيمة وليست مناقشات عقيمة.

تطورت سنغافورة وماليزيا والهند وتركيا وبولندا وكندا ودبى بالعمل و«جهاد الإنجاز» بدلاً من الوقوع فى شرك الهيستيريا والجنون والمناقشات العقيمة.

   

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عجائب لا تحدث إلا في مصر عجائب لا تحدث إلا في مصر



GMT 07:23 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

هل «الكورونا» لعنة من السماء؟

GMT 06:11 2020 الثلاثاء ,29 أيلول / سبتمبر

الوجود والعزاء

GMT 07:29 2020 الأحد ,13 أيلول / سبتمبر

شكل جديد للبشرية!

GMT 00:32 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

انتصارات العقلانية: السعودية تعود بحذر ومسؤولية

GMT 00:36 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

الطب والإعلام والسياسة: «اللايقين» وإدارة الأزمات!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon