عماد الدين أديب
هل تعرفون ما هى أكثر قيمة يجب المحافظة عليها فى مصر؟
هل تعرفون ما هو أكثر شىء مهدد الآن فى منظومة القيم المصرية؟
أهم شىء هو الاعتدال، وأكثر ما يتعرض للخطر هو الاعتدال.
نحن نعيش فى زمن الميليشيات الإرهابية، و15 مليون قطعة سلاح غير شرعية. زمن المولوتوف والسيارات المفخخة وقذائف الجرينوف والاغتيالات والتصفيات الجسدية.
نحن نعيش فى زمن «داعش والنصرة والقاعدة وأنصار بيت المقدس وكتائب حلوان»!
نحن فى عصر تعيش فيه المنطقة العربية حالة محنة سياسية غير مسبوقة، أصبحت فيه القبلية أهم من المواطنة، والمذهب فيه يعلو على الدين، والجماعة فيه تسيطر على الوطن.
نحن فى زمنٍ كلُّ شىء فيه يشكل تهديداً صريحاً للتسامح الذى يشكل جوهر الاعتدال.
إذن الاعتدال فى خطر شديد، والقضاء عليه هو تصريح مفتوح للجنون والهستيريا والفوضى والتقسيم الحتمى.
المحافظة على الاعتدال تعنى الدفاع عن العقل، والتسامح، والوسطية فى العقيدة، واحترام الآخر، والرغبة فى العيش المشترك بين كل الأطياف المختلفة.
وإذا كان التطرف مرضاً فكرياً مخيفاً فإن علاجه يجب ألا يقتصر على الردع الأمنى، ولكن يبدأ بالتعليم والإعلام وشيوع ثقافة التسامح فى المجتمع.
إن الاعتدال فى العالم فى خطر، حيث أصبحت الأفكار اليمينية هى السائدة، وأصبحت الأحزاب اليمينية العنصرية هى الأقوى فى أوروبا.
والاعتدال فى المنطقة فى خطر، من ليبيا إلى الجزائر، ومن سوريا إلى العراق، ومن إيران إلى البحرين، ومن جبهة النصرة إلى داعش.
إذن، نحن نواجه أخطار تطرف عالمى وإقليمى ومحلى مجتمعة فى آن واحد.
هذا كله يحتاج إلى قيام المثقفين فى مصر بإصدار وثيقة حماية الاعتدال!
وثيقة حماية الاعتدال هى التأكيد على جوهر مبادئ الاعتدال فى المجتمع المصرى، ووسائل حمايتها، وإجراءات دعمها.
فى رأيى، أن حماية الاعتدال هى المشروع الوطنى الثقافى الأهم الذى يجب أن يتبناه رائد التنوير الدكتور جابر عصفور.