عماد الدين أديب
كان جورج دبليو بوش الابن يفكر، بل يؤمن بضرورة إعادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى دور الشرطى الرئيسى الذى يتولى منصب إدارة شئون العالم. كانت تتملكه فكرة أن تصبح واشنطن بمثابة «روما» الإمبراطورية الرومانية العظيمة، ويصبح الرئيس الأمريكى هو «قيصر» العالم الحديث. فى عهد باراك أوباما، لم تصبح واشنطن هى «روما» والرئيس الأمريكى هو «القيصر» ووصل النفوذ الأمريكى إلى درجة متدنية من التأثير النسبى على سياسات العالم. وبالأمس أصدر البيت الأبيض، وليس الخارجية، أو الكونجرس بياناً يعلن فيه قلقه من الأحكام التى صدرت من محكمة المنيا الخاصة بأحكام الإعدام، ويطالب المسئولين المصريين بإلغائها. وإذا كان بعضنا فى مصر، وأنا أحدهم، التزم بسياسة عدم التعليق على أحكام القضاء واحترامها، فإن البيت الأبيض الأمريكى ببيانه هذا يكون قد تدخل بشكل سافر فى أحد أركان السيادة الوطنية المصرية وهى سيادة القانون. وقد جرت العادة أنه فى حال عدم رضاء الإدارة الأمريكية عن مسألة داخلية لدولة صديقة، أن يتم نقل هذه المشاعر وهذه الملاحظات عبر القنوات الدبلوماسية أو القنوات الخلفية مثل أجهزة المخابرات بين البلدين. ولست أعرف إذا كانت الإدارة الأمريكية تعلم أن قرار المحكمة ليس نهائياً أو باتاً، وأن الأمر أيضاً متروك لمراحل أخرى للتقاضى، ولرأى فضيلة مفتى الديار. ولست أعرف إذا كانت الإدارة الأمريكية قد درست ملف الدعوى جيداً، أو أنها لا تعلم أنه يحق لرئيس الجمهورية إصدار عفو عن الأحكام، كما هو الحال بالنسبة لسلطات رئيس الجمهورية الأمريكى. البيان الصادر من البيت الأبيض يزيد الموقف الملتهب تعقيداً ولا يساهم فى تخفيف احتقان الوضع السياسى، ولا فى التأثير على حكم القضاء المستقل الذى لا ينظر سوى للأوراق والأدلة الموجودة فى ملف القضاء. لست أعرف بالضبط مَن ينصح البيت الأبيض بالنسبة لأحوال مصر، إنها حقاً نصائح قاتلة!!