توقيت القاهرة المحلي 08:37:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما كانت أيامنا جميلة

  مصر اليوم -

عندما كانت أيامنا جميلة

جهاد الخازن

قرب نهاية كل سنة أكتب في هذه الزاوية أهم أحداث الإثني عشر شهراً السابقة، ومنذ أيام وأنا أحاول وأفشل، فكل أخبار الأمة «موت أحمر» ولا أريد أن أزيد على ألم القارئ وألمي، فأحاول أن أبحث عن مادة أخرى. وهكذا بعض الذكريات:

كنت صغيراً، ربما في بدء سنوات المراهقة، عندما رافقت والدتي إلى الأردن لتتسلم إيجارات عقارات للعائلة في مدينة الزرقاء. نزلنا في بيت «عمّو» عودة العقيل حبايبي، فلم يمضِ يوم حتى حصل «انقلاب» على حكومة سليمان النابلسي التي كان لقبها الحكومة الوطنية، مع منع تجول وجنود في الشوارع. في اليوم الثاني أو الثالث ضقت ذرعاً بسجن البيت وخرجت إلى الشارع، وإذا بجندي يوجه بندقيته إليّ ويصرخ فيَّ: انجِحِر. لم أكن سمعت الكلمة من قبل، ولكن فهمت المقصود وعدت إلى البيت، وسألت عن المعنى فقيل لي أن أعود إلى جحري كفأر.

أيضاً شهدت في القدس سنة 1966 آخر عيد ميلاد للعرب قبل الاحتلال عندما كان المسيحيون الفلسطينيون يعبرون بوابة «مندلبوم» لمقابلة الأهل عبر خطوط الاحتلال. كنت قد اشتريت سيارة «فولكسواغن» وذهبت مع صديق إلى الأردن للفرجة. إذا لم تخني الذاكرة فقد تزامن عيد الميلاد مع عيد الفطر أو الأضحى قرب نهاية 1966 وذهبت مع الصديق إلى الحرم الشريف، وكان المصلون يملأون صحنه والشوارع المجاورة. ونزلنا في درج تحت قبة الصخرة، ورأينا أوراقاً ملصقة بالجدران الحجرية أعتقد أنها تضم صلوات أو طلبات.

الطريق إلى الأردن كانت تمر بسورية وعاصمتها دمشق. ولا أذكر زيارة في تلك الأيام لم تشمل سوق الحميدية، والبوظة في بكداش، ودخول الجامع الأموي، ثم السير في الشارع المستقيم. وحدث مرة أن كان الزحام شديداً في ميدان الأمويين، ولم نستطع الوصول ثم سمعنا أن الناس كانوا يشاهدون إعدام الجاسوس اليهودي إيلي كوهين.

أيضاً حضرت في معرض دمشق يوماً فيلماً أميركياً بالأبعاد الثلاثة أقبَل عليه الزوار جميعاً، وأهملوا الصناعة الثقيلة التي كان يعرضها جناح الاتحاد السوفياتي.

سورية في القلب أمس واليوم وغداً.

مثلها أرض الكنانة مصر، فقد زرتها صغيراً كبيراً، وكان لأبي وثلاثة من أعمامي شركة تجارية، وهم هربوا إلى شرق الأردن وفلسطين ولبنان بعد أن اقترب رومل من حدود مصر، وعادوا بعد هزيمة النازيين، ثم تركوا مصر مرة نهائية في أوائل الستينات بعد تأميم الصناعة والتجارة وخسارة الشركة التي لم تكن كبيرة أو عالية الربح.

أفضل من ذلك عناية الصديق فوميل لبيب، رحمه الله، بي وبالأصدقاء عندما كنا نزور القاهرة وقد كبرنا وكبرت «طموحاتنا» معنا. كان فوميل المسؤول عن تحرير مجلة «الكواكب» فكان يحصل على أفضل طاولة ممكنة في الملاهي الليلية، وأذكر نجوى فؤاد في «روف الشيراتون» وأحتفظ بصور لها وهي تجلس معنا. أختنا زوجة فوميل كانت أمهر مَنْ يطهو حمام بالفريك في مصر.

ولا أنسى أيام المراهقة في لبنان، وكانت العائلة تصطاف في حمّانا ولنا شقة في بناية تملكها أسرة بلوط الدرزية الكريمة. كان جيراننا عراقيين، والأب محافظ الديوانية، وهناك الأم وبنتان، سلوى وسميرة، وابن، عبدالوهاب. بعد أن توطدت الصداقة بين العائلتين أصبحنا لا نغلق الباب بين الشقتين في الطابق الثاني. وحدث يوماً أن سميرة دخلت على والدتي وسألتها: عندِك نفنوف أظربه اوتي؟ لم تفهم الوالدة، وبعد بعض الجهد تكلمتا بالإنكليزية، وفهمت أمي أن سميرة تكوي ثياباً وتسأل أمي إذا كان عندها فستان للكيّ.

ما تصورت يوماً ونحن نودع الجيران في صيف 1957 أننا لن نراهم مرة أخرى، فانقلاب 1958 قلب حياة العراقيين، فبقيت رسائل بين الأسرتين سرعان ما انقطعت.

كانت أياماً حلوة لم يخيَّل لي في يوم منها أنني سأرى بعدها بؤس يومنا هذا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما كانت أيامنا جميلة عندما كانت أيامنا جميلة



GMT 08:37 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميلات؟!

GMT 08:30 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان!

GMT 08:29 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تحالفان ومرحلة جديدة

GMT 08:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

من أفسد العالم؟

GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon