كنت أسمع عن هجرة من حول العالم إلى بريطانيا، والآن انقلب الوضع وأسمع عن هجرة البريطانيين إلى دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
مجموع المهاجرين البريطانيين إلى دول أوروبية حصلوا على جنسيتها كان 1607 عام 2014 و1826 عام 2015، و5056 في 2016 و13.141 عام 2017. أكثر المهاجرين البريطانيين إلى دول الاتحاد الأوروبي العام الماضي قصدوا ألمانيا وعددهم 7493 رجلاً وامرأة أي أكثر من نصف مجموع المهاجرين. الدولة الثانية كانت فرنسا والعدد 1518 ثم بلجيكا والعدد 1381 وبعدها السويد 1203. في مقابل هذه الدول، دخل العام الماضي استونيا صفر من المهاجرين البريطانيين وجمهوية سلوفاكيا مهاجر بريطاني واحد ورومانيا اثنان، وبولندا سبعة مهاجرين بريطانيين.
أعتقد أن المهاجرين البريطانيين يقيمون في دول الاتحاد الأوروبي منذ سنوات ويمارسون عملاً فيها لذلك يفضلون البقاء حيث هم.
طبعاً كان هناك احتمال أن تخسر رئيسة الوزراء تيريزا ماي تصويت مجلس العموم على الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أن طلاب الخروج فازوا بنسبة 319 إلى 303 بعد أن قدمت ماي ما يطلب أنصار الخروج.
رئيسة الوزراء قالت إن النواب تجاوبوا مع طلب غالبية من المواطنين الخروج من الاتحاد الأوروبي، وإن حكومتها ستنشر خلال الأسابيع المقبلة رأيها في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ضمن «ورقة بيضاء»، وستعيد قانون التجارة والضرائب إلى مجلس العموم مرة أخرى، وأرجح أن السبب التصويت عليه من جديد.
الاستفتاء قبل سنتين على الخروج من الاتحاد الاوروبي فاز به طلاب الخروج، وماي كانت من أنصار البقاء، إلا أنها ورثت رئاسة الوزارة من ديفيد كاميرون وهي تقود الآن حملة الخروج مع أملها بعقد اتفاقات مع الاتحاد تخفف من صدمة الخروج على اليد العاملة البريطانية.
قرأت تحقيقاً في «واشنطن بوست» كتبه أربعة مراسلين، ما يعزز صحته، يفيد بأن طلاب الخروج تآمروا مع روسيا. وفي التحقيق حديث عن البريطاني آرون بانكس الذي أصبح أكبر ممول لحزب المحافظين فقد كان يقدم له ملايين الجنيهات كل سنة. هو اجتمع مع السفير الروسي في لندن في 19/8/2016 واتفقا على دعم طلاب الخروج. بانكس سافر إلى الولايات المتحدة واجتمع مع أنصار دونالد ترامب الذي كان يرى الاتحاد الأوروبي في طريق النهاية ويؤيد انسحاب بريطانيا منه.
المقال يدين طلاب الانسحاب بالتعامل مع روسيا ورجال ترامب للفوز بالاستفتاء، وهم في رأيي خونة فقد كان الأفضل أن يتركوا البريطانيين يقررون لأنفسهم لا أن يرشوهم.
المهم الآن ان الانسحاب آتً بين هذه السنة و2019، وشركة «بي ام دبليو» للسيارات الفخمة انضمت إلى «أرباص» في إدانة الانسحاب. الأولى تنتج سيارات «ميني» و «رولز رويس» وهي حذرت من أن بريطانيا قد تنسحب من دون الحصول على اتفاق بشأن الضرائب.
شركة «ارباص» نشرت تقريراً عن أخطار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي من دون أي اتفاق العام المقبل وأعلنت إن ذلك سيؤدي الى تأخير عجلة العمل وتعطيل (بعض) الإنتاج البريطاني.
«بي ام دبليو» تشغل ثمانية آلاف عامل في بريطانيا و»يرباص» 14 ألفاً، وقد هددت بأن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي من دون أي اتفاق قد يؤدي إلى انسحابها من بريطانيا.
ما سبق كله صحيح وأجمل منه أن البرلمان البريطاني صوّت على بناء مدرج ثالث في مطار هيثرو بغالبية 415 صوتاً ضد 119 صوتاً، أي بفارق 296 صوتاً لمصلحة المدرج. مطار هيثرو اليوم أكثر مطارات العالم ازدحاماً بالركاب والمدرج الثالث سيزيد قدرته على استيعاب الركاب وعلى منافسة مطارات أخرى تحاول منافسته على التعامل مع أكبر عدد من الركاب. أعتقد أن مطار دبي يتقدم الجميع الآن لكن لا أعرف إذا كان سيظل الأول مع بدء مدرج ثالث العمل في مطار هيثرو.
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع