سورية بلدي مثل لبنان وفلسطين والأردن والحبيبة مصر وكل بلد عربي آخر. لم أزر دمشق منذ ٢٠١١ وأتطلع إلى يوم قريب أعود إليها، حيث لي ألف صديق.
كتبت عن سورية في السابق ونقلت عن أحمد زكي أبو شادي وإيليا أبو ماضي ومحبوب الخوري الشرتوني وميشال مغربي وغيرهم. كذلك أشرت إلى ما كتب شعراء آخرون مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم.
كنت أعتقد أنني لا أستطيع العيش من دون زيارة دمشق مرتين وثلاثاً وأربعاً كل سنة. الآن أجد أنني غبت عنها قرابة تسع سنوات إلا أنها باقية في القلب والعقل والعاطفة.
سأنقل بعض ما قال الشعراء عنها وأبدأ بأميرهم أحمد شوقي. هو قال:
قم ناج جلق وانشد رسم من بانوا / مشت على الرسم أحداث وأزمان
لولا دمشق لما كانت طليطلة / ولا زهت ببني العباس بغدان
مررت بالمسجد المحزون أسأله / هل في المصلى أو المِحْراب مروان
تغير المسجد المحزون واختلفت / على المنابر أحرار وعبدان
فلا الأذان أذان في منارته / اذ تعالى ولا الآذان آذان
آمنت بالله واستثنيت جنته / دمشق روح وجنات وريحان
دمشق هي ما قال شوقي أو أكثر منه، وكنت مرة نقلت عنه قصيدة تبدأ بقوله:
سلام من صبا بردى أرق / ودمع لا يكفكف يا دمشق
في هذه القصيدة بيتان أضعهما بتصرف القارئ:
رماك بطيشه ورمى فرنسا / أخو حرب به صلف وحمق
إذا ما جاءه طلاب حق / يقول عصابة خرجوا وشقوا
المأمون سكن دمشق وكان يحبها، وشاعر قال عنه:
نظر المأمون يوما / من دمشق من أباني
في رياض مونقات / بين أشجار حسان
فمشى شوقا إليها / ضاحكا بين غواني
شاعر آخر قال:
ليس في الدنيا نعيم / غير سكنى في دمشق
تنظر العينان منها / منظرا ليس لخلق
جنة يُفجر منها / ماء عين ذات دفق
البحتري قال:
قد رحلنا عن العراق عن قيظها الوَمَدْ
حبَّذا العيش في دمشق إذ ليلها برد
حيث يستقبل الزمان ويستحسن البلد
عبدالمحسن بن محمد الصوري قال:
كان ذم الشام مُذ كنت شاني / فنهتني عنه دمشق الشآم
بلد ساكنوه قد جعلوه الجنة / قبل الحساب دار مقام
ألبستها الأيام رونق حسن / ليس يفنى ولا مع الأيام
أما أبو محمد عبدالله بن أحمد الحميري فقال:
سقى الله ما تحوي دمشق وحياها / فما أطيب اللذات فيها وأهناها
نزلنا بها فاستوقفتنا محاسن / يحن إليها كل قلب ويهواها
لبسنا بها عيشا رقيقا رداؤه / ونلنا بها من صفوة اللهو أعلاها
وقال الأمير أبو الفضل قصيدة طويلة في محاسن دمشق أختار أول بيتين فيها:
يا زائرا يزجي القروم البزلا / دع قصد بغداد وخل الموصلا
لا نزجها لسوى دمشق فإنه / سيطيل حزا من تعدى المفصلا
ابن عنين له:
دمشق فبي شوق اليها مبرح / وإن لجّ واش أو ألحّ عذول
بلاد بها الحصباء دور وتربها / عبير وأنفاس الشمال شمول
وقال فيها سبع بن خلف الأسدي:
سقى دمشق الله غيثاً محسنا / من مستهل ديمة دهاقها
مدينة ليس يُضاهى حسنها / في سائر الدنيا ولا آفاقها
أما أبو الحسن الغرناطي فقال:
أما دمشق فجنة / ينسى بها الوطن الغريب
لله أيام السبوت / بها ومنظرها العجيب
أنظر بعينك هل ترى / إلا محبا أو حبيب
وقال غيره:
دمشق في أوصافها / جنة خلد راضية
أما ترى أبوابها / قد جعلت ثمانية
أرجو أن تعود دمشق كما عرفتها العمر كله.