جهاد الخازن
إذا ذُكِرت مصر فقد نسمع أرض الكنانة، أو أم الدنيا، أو النيل، أو الهرم. مصر لي هي الأصدقاء.
عرفت مصر مراهقاً وشاباً و»شيبة»، وأزعم أن لي فيها أصدقاء وصديقات من كبار المسؤولين وحتى سائق السيارة الذي يستقبلني في المطار وكلٌّ من بين هؤلاء وهذا.
غير أنني أريد أن أبدأ بشيء أراه مهماً. قابلت المشير عبدالفتاح السيسي، وكتبتُ معجباً بثقافته واعتداله، إلا أنني اليوم أكتب محذراً، فقد قال لي أصدقاء، بينهم الأستاذ ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة «الأخبار»، أن المشير يمشي احياناً بين الناس بأقل قدر من الحماية، أو يزور أماكن مكشوفة مفتوحة، وأرى في هذا خطراً كبيراً على حياته، فهناك حتماً متطرّفون يريدون إزاحته عن الملعب السياسي المصري، وهم يراقبون تحركاته للإيقاع به. لو نجحوا، لا سمح الله، لقُضِيَ على الحركة الإصلاحية في مصر، ولضاعت فرصة بناء دولة ديموقراطية. أرجو منه أن يكون في منتهى الحذر قبل انتخابات الرئاسة وبعدها، وأن يترك «الجدعنة» لغيره.
أكمل بما هو أقل مدعاة للقلق، فقد وجدتُ نفسي في توزيع جوائز مصطفى أمين وعلي أمين وكأنني محاط بشخصيات من «كتاب المشاهير»، أو مشاهير الفكر والإعلام. وكسبت معرفة الأخت صفية مصطفى أمين والأخت منى علي أمين. وجلستُ بين وزير الثقافة الدكتور صابر عرب والممثلة الكبيرة لبنى عبدالعزيز، وإلى جانبنا الزميل محمد صلاح، مدير مكتب «الحياة» في القاهرة. وقبل هذا وذاك كان لي غداء مع الدكتورة لوتس عبدالكريم، وأهدتني كتابيها «رحلة البحث عني» و «فريدة نصر، أسرار ملكة وسيرة فنانة».
أعرف محمد صلاح منذ سنوات وعقود، لذلك فوجئتُ أن أقرأ في الصفحات الأولى من الجرائد المصرية عن «الفرعون المصري محمد صلاح» وأيضاً «محمد صلاح يتألق...» ونظرتُ إلى محمد ولم أرَ فرعنة أو ألقاً، ثم اكتشفتُ أن محمد صلاح البطل هو لاعب كرة مع فريق تشيلسي، أي الحي من لندن حيث أقيم.
سرّني أن أرى في بداية حفلة الجوائز وزيرة الإعلام درّية شرف الدين، وأن أرى في نهايتها رئيس الوزراء ابراهيم محلب، وأن أجد بين الحضور السفير السعودي الأخ أحمد عبدالعزيز القطّان. وكنتُ أريد محادثته بعد الحفلة إلا أن رقم الهاتف الذي عندي للسفير كان معطلاً أو خاطئاً.
أقول للقراء غير المصريين أن الغداء في مصر قد يبدأ في الرابعة بعد الظهر أو الخامسة، وربما السادسة، وينتهي بعد التاسعة ليلاً. وهكذا كان ودعاني الأصدقاء إلى غداء في نادي السيارات ضم الإخوان هاني هلال وأحمد زكي بدر وأسامة هيكل من الوزراء السابقين، ومعهم من الأصدقاء ياسر رزق وسمير غريب وعاطف واصف واللواء محمد حمدون ومنصور الجمال وغيرهم. كان الحديث سياسياً والكل متفائل بقدوم أيام أفضل، ربما باستثناء الأخ ياسر الذي وجدته قلقاً يعدد الصعوبات التي تعترض طريق القضاء على الإرهاب وإنهاض الاقتصاد من عثاره.
وزرت الصديق والزميل القديم محمد علاّم، في مكتبه في «الأهرام» وهنأته متأخراً برئاسة التحرير، وسألته عما استُغلِق عليّ من أخبار السياسة في مصر، كما تبادلتُ الرأي في جلسة خاصة مع كبار المحررين السياسيين في «الأهرام».
وذهبتُ والدكتور أحمد كامل لزيارة الأخ العزيز عمرو موسى بعد مقابلتي المشير السيسي، ووجدتُ ان رأيه في المشير قريب من رأيي. وبحثتُ عن الدكتور مصطفى الفقي، الصديق القديم الدائم، إلا أنه اختفى، وهاتفه لم يرد، فعادت إلي عبارة «غادر ولم يعد» التي يصف بها الأمن العام اللبناني أي إنسان يختفي فجأة.
طبعاً، لا يمكن ان أزور القاهرة من دون رؤية الزميلة العزيزة سحر عبدالرحمن، وكنتُ معها في برنامجها التلفزيوني أول يوم، كما رأيتُ الزميلة فاطمة النجدي، وهي صديقة العائلة كلها، وزملاء وزميلات لا تكتمل زيارة القاهرة من دون جلسة معهم.
وتركتُ القاهرة وأنا أخطط لزيارتي القادمة فهذا ما أفعل كل مرة.
"الحياة"