توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عيون وآذان

  مصر اليوم -

عيون وآذان

جهاد الخازن

كانت حسناء ذات بهاء ورواء ثم هرمت وسمنت وترهّلت وتغضّنت، وبقيت تتدلع وتتصنع كأنها صبية فتية. ماذا نقول في مثلها اليوم؟ نقول انتهت الصلاحية، فهي مثل زجاجة لبن (زبادي) تجاوزت تاريخ الاستعمال. الكلام هذا يفي بالغرض، غير أنهم قديماً لم يعرفوا «الصلاحية» أو «الكولسترول»، وإنما تركوا لنا شعراً جميلاً أو ظريفاً يعبِّر عما تعبر عنه لغة العصر. قرأت أيام كنت طالب أدب: لم تفتها شمس النهار بشيء / غير أن لا بقاء للإنسان ومثله: أنت نعم المتاع لو كنت تبقى / غير أن لا بقاء للإنسان وأجمل مما سبق: وإذا أتوك وقالوا إنها نصف / فإن أطيب نصفيها الذي ذهبا (المقصود بالنصف أنها في منتصف العمر). وبالمعنى نفسه: كثوب يماني تقادم عهده / ورقعته ما شئت في العين واليد وحاول الشاعر أن يروّج لنفسه مع مَنْ يحب فقال: يا عزّ هل لك في شيخ فتي أبداً / وقد يكون شباب غير فتيان وكان غيره أكثر صراحة فقال: إذا ما أعرضن الفتيات عني / فمَنْ لي أن تساعفني عجوز كان مجامع اللحيين منها / إذا حسرن عن العرنين كوز (يتحدث عن انتفاخ أسفل بطنها كآنية). الفرزدق كان شيخ قومه، إلا أنه كان سفيهاً، وبعض شعره ظريف جداً، إلا أنه لا يصلح للنشر، وهو قال يوماً بعد أن أسنّ عن زوجته: أنا شيخ ولي امرأة عجوز / تراودني على ما لا يجوز أقول إن البقية لا تصلح للنشر. ربما كان ابن الرومي أكثر فجوراً في هجائه من الفرزدق، فهو هجا أكثر مَنْ عاصرهم، وبعضهم كان مدحه قبل ذلك. وله في أبي حفص الوراق والمغنية شنطف ما يملأ ديوان شعر من حجم متوسط. قال في شنطف: خفّاضة الرأس ولكنها / لرجلها والردف رفّاعة وقال أيضاً: شنطف يا عوذة السماء والأرض وشمس النهار والقمر إن كان إبليس خالق بشرا فأنت عندي ذلك البشر صوّرك المارد اللعين فأعطته يداك مقابح الصور (العوذة: الرَّقية). ولعل ابن الرومي هجا هذه المغنية على كل حرف من حروف الهجاء، إلا أنني أكتفي أدباً بما سبق. هو هجا مغنية أخرى اسمها كنيزة فقال: شاهدت في بعض ما شاهدت مسمعة / كأن يومها يومان في يوم لها غناء يثيب الله سامعه / ضعفي ثواب صلاة الليل والصوم أقول إنه فاجر داعر يقضي ليله في المواخير ثم يشكو، ويدين نفسه مع مغنيات زمانه. شيخ من الأعراب شكا مثله، إلا أنه لزم الأدب فقال: عجوز ترجّي أن تكون فتية / وقد لجب الجنبان واحدودب الظهر تدس إلى العطار سلعة بيتها / وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر وجاؤوا بها قبل المحاق بليلة / فكانت محاقاً كله ذلك الشهر أظرف مما سبق وأصدق قول أحدهم: وقالوا ما نكحت فقلت: خير / عجوزا من عرينة ذات مال نكحت كبيرة وغنمت مالا / كذلك البيع مرتخص وغال أبو نواس كان مثقفاً جداً رغم تهتكه وظريفاً، سُمْعَتُه تتحدث عنه فأختتم به: الحمد لله اني / على حداثة سنّي فقت المحبين طرا / ببعض ما شاع عني. "الحياة"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان عيون وآذان



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon