جهاد الخازن
يفترض أن الفلسطينيين والاسرائيليين يتفاوضون على عملية السلام وأن الاميركيين هم الوسيط بينهم. يفترض هذا غير أن الواقع هو أن الفلسطينيين يفاوضون جانباً واحداً يضم أميركا وإسرائيل.
لا جديد تحت الشمس. رحم الله الشيخ زايد، ففي دارة قرب اسكوت، في انكلترا، أجريت له مقابلة منشورة بحضور بعض أبنائه، وبينهم الشيخ محمد، بعد أن زاره الشيخ سعدالعبدالله الجابر الصباح، ولي عهد الكويت في حينه. الشيخ زايد قال لي: الاميركان يتوسطون لنا مع إسرائيل؟ هم مع اسرائيل ونحن بحاجة الى وساطة معهم.
كنت أصف ممثلي الولايات المتحدة في عملية السلام الأولى في تسعينات القرن الماضي بأنهم «حاخامات» العملية. وهم عادوا هذه المرة فمبعوث السلام الاميركي الى الشرق الأوسط هو مارتن انديك، وهذا كان عاملاً في ايباك، لوبي اسرائيل، ثم أسس معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وهدفه الوحيد الترويج لها والدفاع عنها، وانتقل بعد ذلك رئيساً لمركز صابان في مؤسسة كارنغي، والمركز يحمل اسم حاييم صابان، وهو بليونير اميركي اسرائيلي قال يوماً إن قضيته الوحيدة هي اسرائيل. في 2009 عيّن الرئيس باراك اوباما دنيس روس مسؤولاً عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وروس شريك انديك في تأسيس معهد واشنطن واسرائيلي الهوى بالكامل. أما مساعد انديك في عملية السلام فهو ديفيد ماكوفسكي الذي عمل يوماً رئيس تحرير تنفيذياً لجريدة «جيروزاليم بوست» اليمينية، وهو اسرائيلي جداً.
بعد هذه الخلفية أزيد أن حكومة اسرائيل علقت المفاوضات مع الفلسطينيين حتى إشعار آخر بعد أن توصلت فتح وحماس الى اتفاق لمصالحة وطنية فلسطينية يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية خلال خمسة أسابيع برئاسة أبو مازن وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية قبل نهاية السنة.
المفاوضات خدعة، ورئيس وزراء حكومة الارهاب والقتل والتدمير بنيامين نتانياهو قال: الذي يعقد سلاماً مع حماس لا يريد سلاماً مع اسرائيل، وأبو مازن اختار حماس بدلاً من السلام. وزير الخارجية النتن أكثر من نتانياهو، المولدافي افيغدور ليبرمان، قال: توقيع السلطة الاتفاق مع حماس هو توقيع نهاية المفاوضات.
أقول للمرة الألف وواحد إن لا سلام إطلاقاً مع الحكومة الاسرائيلية الحالية، فهي حكومة فاشستية تمارس ابارتهيد وتقتل وتحتل وتدمر. لا سلام إطلاقاً باتفاق لفتح مع حماس أو من دون اتفاق. وأنا ضد موقف حماس ازاء مصر ولكن معها ضد اسرائيل.
على سبيل التذكير، حماس فازت في انتخابات 2006، وعزلها يعني سلاماً مع نصف الفلسطينيين ثم أن الاتفاق الأخير قد لا يُنفذ فقد عُقِدت اتفاقات في الماضي لم ترَ النور، منها اتفاق سنة 2011 الذي عقد في مصر وكنت هناك ورأيت أبو مازن والأخ خالد مشعل والأخ رمضان شلح في فندق في مدينة نصر.
نتانياهو يقول إن حماس منظمة إرهابية وأقول إن حكومة اسرائيل مافيا إرهابية. والفلسطينيون يطالبون بوقف الاستيطان وإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى، ورسم الحدود في الأشهر الثلاثة القادمة من المفاوضات. نتانياهو يقول: لا بلد يقبل تجميد البناء في عاصمته. لا بلد يطلق إرهابيين ليعودوا الى الارهاب.
أقول إن الأسرى مناضلون في سبيل الحرية ونتانياهو إرهابي ككل عضو في حكومته، وكأبيه، وكل رئيس وزراء اسرائيلي قبله. وهناك قدس وحيدة هي القدس العربية. أما القدس الاسرائيلية فمجموعة من الضواحي الحديثة. وفي القدس العربية لا آثار يهودية ولا ممالك مخترعة أو ملوك، وهي عاصمة فلسطين.
للمرة الألف وإثنتين لا سلام مع حكومة القتلة النازيين الجدد، ومَنْ يعِشْ يرَ.
" نقلًا عن جريدة الحياة"