رضا الناس غاية لا تدرك. القراء من هؤلاء الناس الذين لا أستطيع أن أرضيهم كل يوم ولكن أحاول. بعضهم يقول إنني مقصّر في التعليق على أحداث سورية. بعضهم يقول إنني أُكثر من التعليق على أخبار دونالد ترامب. بعضهم يشكو لأنني أهمل دول المغرب. آخرون يقولون إنني لا أتكلم عن لبنان، وهكذا وهكذا.
سورية بلدي مثل لبنان والأردن وفلسطين ومصر، وأحاول أن أجد شيئاً جديداً أعلق عليه لأن أخبار سورية كارثية منذ العام 2011، والقتل مستمر كذلك التدمير. ثم هناك الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران وحزب الله وأطراف أخرى، والشعب السوري هو الضحية دائماً.
للشاعر الشعبي اللبناني الراحل عمر الزعني زجل قصير عنوانه «سوريا وروسيا» كتبه عام 1954 وأستعيد مع القارئ: بين سوريا وروسيا / في حرفين مختلفين / حط السين بدل الرا / وحط الرا بدل السين / بتلاقيهم بالحروف / والألفاظ متساوين / من شان هيك / بالتجارة والسياسة متفقين.
أفضل مما سبق كثيراً طلب قراء أن أزيد من المقالات التي تتناول الأدب العربي طالما إنني أزعم أن هذا مجال تخصصي في الجامعة وأن أركز على الشعر. فبعض القراء سرّ بما نشرت عن الشعر أخيراً، وأنا سررت مع هؤلاء القراء غير أنني أقول لهم إن قراء كثراً آخرين يفضلون السياسة على الشعر، فأكتفي اليوم ببعض شعر الغزل. وعندي:
العباس بن الأحنف له: وما سرّني أنني خليّ من الهوى / ولو أن لي ما بين شرق ومغرب.
المستعين بالله بن الحكم قال: أما يكفيكِ أنك تملكيني / وأن الناس كلهم عبيدي / وأنك لو قطعت يدي ورجلي / لقلت من الرضا أحسنت زيدي.
ولغيره: أحبابه لمَ تفعلون بقلبه / ما ليس يفعله به أعداؤه
وقال شيخ الشيوخ بحماة: أغضب العشاق في أنني / لم أبغِ في حبّه رشدي
لا أعرف مَن هو شيخ الشيوخ هذا وسأبحث عن شعره الذي قرأت أبياتاً منه في كتاب «تزيين الأسواق في أخبار العشاق» لداود الأنطاكي.
قراء كثيرون يعارضون دور روسيا في سورية ويريدون أن أدينه، أو لا أتكلم عن الرئيس فلاديمير بوتين وسياسته في بلادنا. لا أرى أن هذا ممكن لأن لروسيا دوراً مهماً جداً في الحرب الأهلية هناك، ولأن لها قواعد جوية وبحرية في سورية هي الوحيدة لروسيا على البحر الأبيض المتوسط.
لا أزعم أن ما أكتب هو القول الفصل في الموضوع السوري أو غيره، وإنما أزعم أنني عرفت سورية صغيراً كبيراً، وعرفت قادتها، وأعتقد أنني خبير في سياسة الحكومة والفئات المعارضة، وأنني أتكلم عن معرفة، ثم إنني مقلّ في الموضوع السوري، لا أعود إليه إلا إذا كان عندي جديد عنه.
أكثر ما أتلقى من معارضة لما أكتب هو عن السياسة الأميركية والرئيس دونالد ترامب. أكتب معارضاً السياسة الأميركية، ومواقف الرئيس الذي يختار «تويتر» ليعبر عنها في تغريدات يومية. هو يهاجم أعداءه، ويدافع عن أنصاره حتى من أقصى اليمين.
أكتب منتقداً السياسة الأميركية لأنني أرى دونالد ترامب رجل أعمال قبل أن يكون سياسياً، وهو يتصرف من معرفته بالاقتصاد الشخصي قبل أن يعمل لحماية مصالح بلاده التي تواجه الآن تهديداً أوروبياً بالرد على زيادة الضرائب على البضائع المستوردة بزيادة الضرائب على الواردات من الولايات المتحدة. والمكسيك زادت الضرائب على الواردات الأميركية رداً على فرض ترامب ضرائب على الواردات منها.
نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع