جهاد الخازن
أقرأ أن الرئيس باراك أوباما يفكر في إرسال قوات برية إلى خطوط القتال في العراق وسورية، وربما شمل ذلك قوات عمليات خاصة على الأرض السورية للمرة الأولى.
كان القتال في البلدين دخل طريقاً مسدودة، فلا طرف يستطيع الفوز، وقوات التحالف ترفض أن تُهزَم لأن الدول العربية المشاركة تحاول حماية بلادها وشعوبها والإرهاب يقتل المدنيين. وكان أن طلب وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر من القوات المسلحة تقديم خيارات جديدة لتدخل عسكري أكبر في العراق وسورية وأفغانستان، وقرأت أن الأميركيين قد يهاجمون الرقة، عاصمة «الدولة الإسلامية» في سورية.
ما سبق موجود في الميديا الأميركية وناقشته دور فكر وبحث، إلا أنه ليس صحيحاً كله، فأعود بالقارئ إلى مقتل جندي أميركي في غارة أميركية كردية مشتركة لإطلاق رهائن من سجن لداعش. البيان الرسمي عن موته تحدث عن «قيادة العمليات الخاصة للجيش الأميركي»، إلا أنني أرجح أن هذا اسم جديد لقوة دلتا الموجودة في العراق لمكافحة الإرهاب منذ 2003.
بيرني ساندرز، الذي يريد الترشيح للرئاسة الأميركية عن الحزب الديموقراطي، قال إن حروب بوش الابن كانت أكبر خطأ في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية.
هذا رأيي أيضاً، فالرئيس جورج دبليو بوش كان واجهة حمقاء للمحافظين الجدد الذين زوَّروا الأدلة لمهاجمة العراق، فلا علاقة مع القاعدة، ولا برنامج نووياً، ولا دور بإرهاب 11/9/2001 في نيويورك وواشنطن.
هذا كله ثابت بشكل نهائي اليوم، فماذا فعلت حروب بوش، دمَّرت العراق وسورية واليمن وليبيا. أزعم اليوم أن صدام حسين أفضل من الحكام الذين نصبهم الاحتلال الأميركي في العراق، وأن سورية كانت خارج دائرة القتال والقتل، وأن معمر القذافي أهوَن من الحكومات والمليشيات التي تبِعَت سقوطه، وأن اليمن كان فقيراً وهادئاً وشعبه غير مهدَّد، ولا يهدد جيرانه.
الغزو الأميركي دمَّر بلادنا، وقد قتلت طائرات بلا طيار مدنيين، بعضهم في حفلات زفاف، أضعاف ما قتلت من الإرهابيين. كان وراء حروب إدارة بوش الابن عصابة من المحافظين الجدد أنصار إسرائيل، وهم لا يزالون يحرضون على العرب ويجدون الأعذار لدولة إرهابية محتلة تقتل الأطفال.
ربما ما كنت كتبت هذه السطور اليوم لولا أنني مشترك في مجلة «نيويورك ريفيو أوف بوكس»، وهي مجلة راقية تهتم بالكتب وعرضها، والعدد الأخير ضمّ غلافه صورة للرئيس أوباما مع مارلين روبنسون، وهي مؤلفة أميركية ذات سمعة طيبة. اعتقدت أنني سأجد شرحاً للسياسة الأميركية إلا أنني وجدت حديثاً طويلاً عن الدين المسيحي والله تعالى وحمل مواطنين أميركيين السلاح ضد «الآخر».
في الحديث المتبادَل ربما تكلمت روبنسون عن إيمانها أكثر مما تكلم الرئيس، ولم أجد عن السياسة الخارجية أكثر من إشارة أوباما إلى الخوف في إحدى روايات روبنسون، وكيف أنه يلعب دوراً في السياسة الأميركية والثقافة. هو قال إنه حاول في حياته السياسية أن يضيق الفجوة بين واشنطن والشارع الأميركي من دون أن يقول إنه نجح.
الحوار زادني قناعة بأن أوباما يعيش في عالم صنعه لنفسه ويتجاهل الأهم، أو هو عاجز ويدرك أنه لا يستطيع إنجاز المطلوب.