توقيت القاهرة المحلي 12:38:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشعر بلغة صحيحة وإبداع

  مصر اليوم -

الشعر بلغة صحيحة وإبداع

جهاد الخازن


عندي قضايا كثيرة تبقى «القضية» أهمها، واليوم أختار للقارئ زاوية من قضية الشعر فهو يبقى جزءاً أساسياً من الحياة الثقافية للعرب في كل بلد.
في الشعر، كما في النثر، المطلوب إبداع ولكن ضمن لغة صحيحة مفهومة، وقد تبعتُ دائماً قول القرآن الكريم: لسان الذين يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين (النحل 106).
 
المتنبي قال:
وكم من عائب قولاً صحيحاً / وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الآذان منه / على قدر القرائح والعلوم
 
وقال غيره:
النحو يصلح من لسان الألكن / والمرء تعظمه إذا لم يلحن
فإذا طلبت من العلوم أجلها / فأجلّها منها مقيم الألسن
 
ويبدو أن هذه القضية شغلت الشعراء قديماً وحديثاً، والبحتري قال:
كلفتمونا حدود منطقكم / والشعر يغني عن صدقه كذبه
ولم يكن ذو القروح يلهج بالمنطق ما نوعه وما سببه
والشعر لمْحٌ تكفي إشارته / وليس بالهذر طولت خطبه
 
أما عمار الكلبي فقال:
ماذا لقينا من المستعربين ومن/ قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
إن قلت قافية بكراً يكون بها / بيت الخلاف الذي قاسوه أو ذرعوا
قالوا لحنت وهذا غير منتصب / وذاك خفض وهذا ليس يرتفع
ما كل قولي مشروحاً لكم فخذوا / ما تعرفون وما لم تعرفوا فدعوا
 
غير أنني أعترف بأنني أحب الغموض أو الفلسفة في بعض الشعر، وأبو عمار بن نوار الشنتريني قال:
يا لقومي دفنوني ومضوا / وبنوا في الطين فوقي ما بنوا
ليت شعري إذ رأوني ميتا / وبكوني أي أجزائي بكوا
ما أراهم ندبوا فيّ سوى / فرقة التأليف إن كانوا دروا
المتنبي كان يُفاخر ممدوحيه بإبداعه وفصاحته وقدرته، وهو مدح أبا علي هارون بن عبدالعزيز الأوراجي فقال:
أنا صخرة الوادي إذا ما زوحمت / وإذا نطقت فإنني الجوزاء
بيني وبين أبي علي مثله / شمّ الجبال ومثلهن رجاء
وعقاب لبنان وكيف بقطعها / وهو الشتاء وصيفهن شتاء
لبس الثلوج بها عليّ مسالكي / فكأنها ببياضها سوداء
حتى أبو العلاء المعري قال مفاخراً:
تعاطوا مكاني وقد فتُّهم / فما أدركوا غير لمح البصر
وقد نبحوني وما هِجتُهم / كما نبح الكلب ضوء القمر
وكان أديب مصر مصطفى لطفي المنفلوطي فصيحاً ولا جدال، وعندما توفي عام 1924 رثاه فوزي المعلوف من البرازيل فقال:
دعوها أمام النعش يعلو زفيرها / وتجري مآقيها وترخي شعورها
فما لغة الضاد التي نحن جندها / سوى دولة هذا الفقيد كبيرها
إذا جرحت صدر الكنانة رمية / فكل بلاد الضاد جرحى صدورها
لعل أفضل مَنْ صوَّر اندحار الشعر وسيادة الفقه كان الأعمى التطيلي الذي قال:
أيا رحمتا للشعر أقوت ربوعه / على أنه للمكرمات مناسك
وللشعراء اليوم ثلت عروشهم / فلا الفخر مختال ولا العز نامك
فيا دولة الضيم أجملي أو تجاملي / فقد أصحبت تلك العرى والعرائك
ويا قام زيد أعرضي أو تعارضي / فقد حال من دون المنى قال مالك
أختتم بشيء ظريف قاله محمد بن سليمان بن علي التلمساني الذي ولد في القاهرة وتوفي في دمشق وكان لقبه الشاعر الظريف:
يا ساكناً قلبي المعنّى / وليس فيه سواك ثاني
لأي شيء كسرت قلبي / وما التقى فيه ساكنان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشعر بلغة صحيحة وإبداع الشعر بلغة صحيحة وإبداع



GMT 08:16 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

انتخابات النمسا وأوروبا الشعبوية

GMT 08:14 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

معضلة الدستور في سوريا

GMT 08:11 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تقاتلوا

GMT 08:10 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

سوريا بعد الأسد واستقبال الجديد

GMT 08:09 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

الموسوس السياسي... وعلاج ابن خلدون

GMT 08:07 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تسييس الجوع والغذاء

GMT 08:05 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

ترمب وماسك... مشعلا الحرائق

GMT 08:04 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

إيران: مواءمة قطع الأحجية الخاطئة الراهنة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon