جهاد الخازن
انتهت المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر، والتصويت سيكتمل في الشهر المقبل لاختيار 596 عضواً في مجلس النواب، وأغامر فأقول إن المصريين سيختارون غالبية تؤيد الرئيس عبدالفتاح السيسي.
هناك «عواجيز الفرح» في كل مكان، من حفلة زفاف الى السياسة، وبعضهم هاجم الانتخابات قبل أن تبدأ ولا يزال يفعل. بل إن هناك مَنْ يترحم على سنة الإخوان في الحكم ويتجاوز أنهم سرقوا ثورة الشباب، وفي حين أنهم فازوا بالانتخابات البرلمانية من دون تزوير، فهم أعلنوا أنهم لن يرشحوا واحداً منهم للرئاسة ثم رشحوا إثنين، وبعد أن سيطروا على السلطتين التشريعية والتنفيذية حاولوا السيطرة على القضاء لإقامة حكم الحزب الواحد كما فعل الحزب الشيوعي في روسيا يوماً ثم مضى غير مأسوف عليه. القوانين الأمنية، التي احتج عليها سياسيون في الخارج وجماعات حقوق إنسان جاهلة، مربوطة بالوضع الأمني والإرهاب وهي لا بد أن تزول بزواله أو تُعدَّل. كل مظاهرة أو انتقاد اليوم في كتابي الشخصي تستر على الإرهاب أو تشجيع له.
هناك لازمة في الحديث عن الرئيس محمد مرسي هي أنه فاز بأول انتخابات رئاسية ديمقراطية في مصر، ثم عزله الجيش في انقلاب. أنا أعرف مصر وأهلها، وهم يكتبون تحاملهم وجهلهم. أحمد شفيق فاز بالرئاسة، والجيش بلّغه أنه فاز في يوم الأحد الطويل وذلك المؤتمر الصحافي الذي استغرق ساعات. ثم بلغ الجيش أحمد شفيق أنه سيرسل قوة من الحرس الجمهوري لمواكبته من منزله الى القصر الجمهوري. كانت هناك في الوقت نفسه مفاوضات مع الإخوان المسلمين اتفق فيها الطرفان على إعلان فوز محمد مرسي مقابل إبقاء المشير محمد حسين طنطاوي وزيراً للدفاع وسامي عنان رئيساً للأركان، فأعلِن فوز مرسي، وعزل الإخوان طنطاوي وعنان خلال أيام.
الانتخابات الحالية تميل الى المرشح الواحد أكثر منها الى القائمة الانتخابية، وهناك «في حب مصر» وحزبا «الحركة الوطنية المصرية» و»المصريين الأحرار»، وقادة الإخوان في السجون، والجماعة محظورة، وحزب النور يدفع ثمن الغضب على الإخوان، إلا أنني لن أدخل في التفاصيل وإنما أنتظر إعلان النتائج الرسمية النهائية.
أقول للمشككين من حمقى أو أصحاب غرض أو مرض أن أعضاء مجلس النواب يملكون صلاحية عزل الرئيس، ومناقشة المراسيم الحكومية (التي كثرت جداً في الأشهر الأخيرة) وقبولها أو رفضها أو تعديلها، وإصدار قوانين أو تعديل الموجود منها أو إلغائها.
يُفترَض أن نحكم على البرلمان الجديد على أساس أدائه لا أن نقرر أنه «صوت سيده» قبل أن ينتهي التصويت ويجتمع الأعضاء.
غير أن «عواجيز الفرح» أكثر من الهمّ على القلب، وبما أنني في لندن فإنني أختار مثلاً عنهم مجموعة سياسيين ومفكرين وناشطين وقعوا رسالة نشرتها جريدة «الغارديان» الليبرالية تدعو رئيس الوزراء ديفيد كامرون الى سحب دعوة إلى الرئيس السيسي لزيارة بريطانيا.
كامرون أهمل الرسالة والرئيس السيسي وصل أمس ومصادر الحكومة البريطانية تتحدث عن مجال واسع للاتفاق على نقاط البحث بين البلدين من الأمن الى الاقتصاد. الرسالة تكشف جهل 55 شخصاً وقّعوها، وهي تتحدث عن انتخاب مرسي ديموقراطياً وعن «انقلاب» لا إنقاذ مصر.
كان بين الموقّعين جون ماكدونيل، وزير مالية الظل العمالي، ويبدو أنه يعرف عن السياسة الخارجية ما أعرف أنا عن تربية النحل. ولاحظت أن بين الموقعين أنس التكريتي، رئيس مؤسسة قرطبة، الذي هاجمه وزير المالية جورج أوزبورن يوماً واتهمه بأن مؤسسته واجهة للإخوان المسلمين.
مصر قادمة رغم أنوف المشككين، فأذكّر القارئ بوَصلة قناة السويس، واكتشاف شركة النفط الإيطالية إيني حقل غاز في البحر وصِف بأنه «سوبر عملاق» يضم 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، تضاف إلى ما تنتج مصر الآن من النفط وهو في حدود 700 ألف برميل يومياً.
أتمنى أن تهزم حكومة مصر الإرهاب، ثم أتمنى أن يخرج زعماء الإخوان من السجون، ومعهم كل المدافعين عن حرية الرأي، ثم أنتظر أن تعود مصر إلى موقعها القيادي العربي.