توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لولا المتنبي

  مصر اليوم -

لولا المتنبي

جهاد الخازن

أدخل اليوم مدخلاً لا أعرف كيف أخرج منه، وأرجح أن يهاجمني القراء وأنا أنتقد كبار شعرائنا، إلا أنني أكتب عن موضوع أزعم أنني خبير فيه، فدراستي الجامعية كانت في الأدب واللغة لا الصحافة.

ربما كان المتنبي أعظم شعراء العربية، وله قصائد خالدة. وفي العصر الحديث هناك أحمد شوقي الذي أجاد واستحق لقب أمير الشعراء.

بين المتنبي وأحمد شوقي شعراء كبار، منهم أبو نواس، ومراجعة ديوانه تظهِر مُجوناً وخمراً وفحشاً مع أن الرجل كان عالي الثقافة. وهناك جرير، وهو أيضاً من أبرز شعراء العربية، إلا أن مراجعة شعره تظهِر أن كثيراً منه في هجاء الأخطل والفرزدق، أو الافتخار بأصلٍ لا سبب للافتخار به.

المتنبي مدح سيف الدولة وعضد الدولة، إلا أنه مدح أيضاً محمد بن عبيد المشطب وسعيد بن عبدالله الكلابي المنبجي وعلي بن أحمد الطائي ومعاذ بن إسماعيل اللاذقي ومحمد بن زريق الطرطوسي. مَنْ هؤلاء؟ لولا المتنبي لما كان لهم ذِكر اليوم.

المتنبي شاعر عظيم، بعض مراثيه في الصميم، وبعض حكمه على كل شفة ولسان، إلا أنه كان يتكدّى بشعره وبعد أن قال لسيف الدولة: وأنعلت أفراسي بنعماك عسجدا، انتقل إلى كافور ورأى أنه شمس منيرة سوداء، والهمام أبو المسك، وقال: قواصد كافور توارِك غيره/ ومن قصد البحر استقلَّ السواقيا.

كان يريد ضيعة أو ولاية، ولم يحصل على هذه أو تلك فانقضَّ على كافور بهجاء معناه أن كل شعره السابق في ممدوحه كان كذباً واستجداء. هو قال فيه: أمَيْناً وإخلافاً وغدراً وخسّة/ وجبناً... أشخصاً لُحتَ لي أم مخازيا.

أختصر الزمن إلى شوقي، أو شاعر القصر، شاعر الخديوي، وهو القائل:

الملك فيكم آل إسماعيلا/لا زال بيتكم يُظلّ النيلا

أأخون إسماعيل في أبنائه/ ولقد ولدتُ بباب إسماعيلا

ومثل ذلك قوله في قصيدة عن حفلة راقصة في قصر عابدين:

شاعر العزيز وما/بالقليل ذا اللقب

وجدتُ لشوقي 70 قصيدة في باب «الخديويات»، وكانت له قصائد أخرى يمتدح فيها الخلافة العثمانية أو يبكيها، وهو قال عن السلطان عبدالحميد:

بسيفك يعلو الحق والحق أغلب/ ويُنصَر دين الله أيّان تضربُ
في مقابل قصائده «الخديوية» ترك لنا شوقي ست قصائد إسلامية تعكس عمق إيمانه، فلا أنسى «نهج البردة» وكأنه استشرف المستقبل وما سيؤول إليه أمر المسلمين اليوم فكان آخر بيت في القصيدة:
يا رب أحسنت بدء المسلمين به / فتمِّم الفضل واجعل حسن مختتم
(و «به» أي بالإسلام).

أهاجي شوقي كانت في بطل الثورة العرابية أحمد عرابي فقال:
صغار في الذهاب وفي الإياب/ أهذا كل شأنك يا عرابي
وأيضاً:
عرابي كيف أوفيك الملاما / جمعت على ملامتك الأناما
بل إنه حين هاجم رئيس الوزراء علي رياض باشا وجد فرصة ليعطف على عرابي وقال:
أفي السبعين والدنيا تولّت / ولا يرجى سوى حسن الختام
تكون وأنت أنت رياض مصر / عرابي اليوم في نظر الأنام
كل ما سبق لا يجعلني أنسى عظمة أمير الشعراء في قصائده عن سورية ولبنان أو غزلياته، فأقول ختاماً أن وطنيته استفاقت بعد أن عاد إلى مصر من منفاه الأندلسي، واستقبله ألوف الطلاب في محطة القطار وهتفوا باسمه وحملوه على الأعناق، فبكى واستيقظ حسّه الوطني. رحمه الله ورحمنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لولا المتنبي لولا المتنبي



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon