د. وحيد عبدالمجيد
أضاف مقتل الشهيدة المناضلة شيماء الصباغ بأيدى قتلة شهداء الثورة منذ يومها الأول المزيد إلى آلام أحيتها الذكرى الرابعة لهذه الثورة المجيدة.
جاءت هذه الذكرى فى وقت يعانى كثير من أنصار الثورة إحباطا يعود إلى إغفال طبيعة مسارها المتعرج الذى يمر بخطوات إلى الأمام وأخرى إلى الخلف. ومثلما لا يعنى قطع خطوة إلى الأمام انتصار الثورة التى تقدمت عدة خطوات بالفعل، فكذلك لا تؤدى خطوة إلى الوراء أو أكثر إلى إلحاق الهزيمة بها.
غير أنه إذا لم يكن ثمة مبرر للإحباط لأن مسار الثورات الشعبية التحررية طويل بطابعه، فهناك دوافع كثيرة للآلام التى يشعر بها أنصار الثورة حين تحل ذكراها الرابعة وبعض أنبل شبابها محبوسون. وفى الوقت الذى يزداد التعنت معهم وتصفية حسابات مع بعضهم، يتواصل الإفراج عمن اندلعت هذه الثورة ضدهم،على نحو يفاقم تلك الآلام.
ورغم أن استجابة الرئيس عبد الفتاح السيسى للدعوة إلى إطلاق سراح شباب الثورة المحبوسين لم تشمل بعض أكثرهم تعرضاً للظلم، فقد خففت بعض الآلام. ولكن مغزى قراره الذى يقدره المخلصون للوطن يبدو أهم، بالمعنى التاريخى، من أثره الفعلى.
غير أن هذه الممارسات تعد إحدى سمات مرحلة تراجع مؤقت للثورة ومبادئها النبيلة، بفعل نجاح القوى المضادة لها فى استغلال أجواء العنف والإرهاب الاجراميين سعيا للانتقام منها وتشويهها لمصلحة النظام الذى خرب مصر ونهبها. ويبدو أن النجاح المؤقت الذى تحققه هذه القوى يدفعها إلى مزيد من الجموح اعتقادا فى قدرتها على وقف حركة التاريخ بل إعادته إلى ما كان فى مرحلة من أحط مراحله.
وقد حدث مثل ذلك فى مختلف الثورات الشعبية فى العصر الحديث. فما من ثورة انتصرت فى البداية، وليست هناك ثورة لم تنتصر فى النهاية، إلا فيما يمثل استثناء من القاعدة العامة. ولذلك ربما تبدو الآلام الراهنة مماثلة لتلك التى عبر عنها الكاتب الفرنسى جول فاليس فى روايته «الثائر» التى استوحى فيها تجربة ثورة مارس 1871 (الكومونة).
فقد أهدى فاليس روايته إلى: (كل من وقعوا ضحايا الظلم الاجتماعى، وناضلوا ضد عالم فاسد، وشكلوا تحت راية الكومونة اتحاد الآلام الكبير)، ومع ذلك، لم تمض سنوات حتى تحول اتحاد الآلام الكبير إلى مصدر آمال أكبر بدءا من عام 1880.