د. وحيد عبدالمجيد
ليس ممكناً التطلع إلى رعاية صحية حقيقية فى بلادنا، وعمل جدى فى هذا الاتجاه، ما لم يشعر الأطباء بالعدل والإنصاف، وتتوافر لهم الحماية اللازمة لأداء واجبهم. فالرعاية الصحية تعنى فى أبسط تعريف لها حق المواطن فى العلاج، أى فى الحصول على الخدمة الطبية الجيدة مجانية أو بسعر فى متناول يديه.
وهذه معادلة سهلة، وصعبة، فى آن معاً. وهى سهلة لأن حصول المواطن على حقوقه الأساسية هو أحد أهم مقومات الدولة الحديثة. وما الطبيب والمريض إلا جزء من كل فى هذا المجال. ولكنها صعبة لأن مسألة الحقوق عندنا مازالت محل نظر، وموضع خلاف فى وجهات النظر، على نحو لا نجد مثله فى أى دولة حديثة فى العالم. وليست الأزمة الممتدة منذ شهور بشأن معاناة أطباء من ممارسات بعض رجال الشرطة، والتى كانت أزمة مستشفى المطرية أكثرها فجاجة، إلا أحد دلائل صعوبة المعادلة التى صارت سهلة فى كثير من بلاد العالم.
وعندما يسعى الأطباء من خلال نقابتهم إلى تصحيح الاختلالات من أجل تحقيق المعادلة الغائبة فى العلاقة بين حقوق الأطباء وحقوق المرضى، يشن البعض هجوماً عليهم بدلاً من أن يساعدهم. ومازال هذا الهجوم متكرراً من وقت إلى آخر بسبب بعض ما تبناه الأطباء فى جمعيتهم العمومية الأخيرة قبل نحو ثلاثة أسابيع، بل ازداد فى الأيام الماضية عندما عقدت نقابة أطباء الأسنان جمعية عمومية طارئة يوم الجمعة الماضى، وأيدت بعض قرارات عمومية الأطباء.
ومن أكثر ما يثير الجدل فى هذه القرارات، ويتخذه البعض منصة للهجوم على الأطباء، قرار الالتزام بالقانون الذى يُلزم المستشفيات العامة بتقديم العلاج مجاناً دون رسوم تُفرض خارج نطاق هذا القانون.
ويطرح الهجوم على هذا القرار سؤالين مهمين عما إذا كان الالتزام بالقانون أصبح عيباً، وعما يبقى من معنى للمستشفى العام يميزه عن المستشفى الخاص فى ظل تحصيل رسوم من المرضى.
والحال أن التأخر فى السعى إلى تنفيذ قانون معطل والالتزام به لهو خير من الاستمرار فى انتهاكه. أما أن يحدث ذلك فى ظل أزمة ترتبط بعدم حصول الأطباء على حقوق طبيعية لهم فهو دليل آخر على الارتباط بين حق الطبيب وحق المريض, والصلة الوثيقة لحقوقهما معا بوجود منظومة تحترم مبدأ الحق فى الأساس, وتعليه فوق القوة.