د. وحيد عبدالمجيد
بدأت أمس الحملة الرسمية للانتخابات الرئاسية وفق الجدول الزمنى الذى حددته اللجنة العليا المشرفة عليها، وتستمر هذه الحملة نحو ثلاثة أسابيع لا غير. وهذه فترة قصيرة للغاية لا تتيح لأى مرشح فرصة كافية للتواصل مع الناخبين فى 27 محافظة بوسائل الدعاية المعروفة. ولذلك تكتسب التغطية الاعلامية أهمية مضاعفة. وتزداد بالتالى الحاجة الى ضوابط موضوعية لهذه التغطية.
ففى غياب مدونة سلوك أو ميثاق شرف إعلامى، وهيئة وطنية مستقلة مختصة بضمان احترام أخلاقيات المهنة، تصبح تغطية الانتخابات خاضعة للانحيازات المسبقة والمصالح السابقة واللاحقة بخلاف ما يحدث فى الدول التى تحترم وسائل الإعلام فيها القواعد والمعايير وعقول الناس.
ولذلك ينبغى أن تضع لجنة الانتخابات ضوابط مؤقتة هذه المرة الى أن يوضع ميثاق الشرف الذى سيعمل على أساسه المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المنصوص عليه فى المادة 211 من الوثيقة الدستورية الجديدة (المعطلة فعلياً حتى الآن). وعلى الجماعة الاعلامية أن تبدأ فورا فى مناقشة الجانب المتعلق بتغطية الانتخابات فى هذا الميثاق والقواعد التى ينبغى اتباعها فى هذه التغطية0 وهذه قواعد معروفة ومحددة فى العالم الآن.
فى مقدمة هذه القواعد المساواة بين المرشحين فى مختلف وسائل الإعلام، وليس فقط فى الإعلام العام بخلاف ما يتضمنه قانون الانتخابات الرئاسية المشكوك فى دستوريته. ولا تكتفى المواثيق التى تطبقها هيئات الإعلام المستقلة فى الدول الديمقراطية بإقرار قاعدة المساواة بين المرشحين، رغم أن أخلاقيات المهنة صارت راسخة فى وسائل الإعلام فى هذه الدول.
فالاتجاه الغالب فى هذه المواثيق يميل إلى وضع آليات لضمان الالتزام بالمساواة وكيفية التحقق منها. فعلى سبيل المثال، لابد أن تحدد وسيلة الإعلام المرئى مدة كل ظهور على شاشاتها للمرشحين، وأن يظهر ذلك خلال بث المداخلة بطريقة العد التنازلى، وأن تلتزم إلى جانب المساواة فى ذلك بالتعادل فى الوقت المتاح للجميع.
وتراقب هيئات الإعلام المستقلة تغطية وسائل الإعلام والتزامها بالقواعد المحددة أولاً بأول, وتصدر فى النهاية وثيقة توضح نتائج تقييمها للتغطيات الانتخابية. فهل يأتى يوم نرى فيه شيئا من ذلك فى مصر؟ .
"الأهرام"