توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التصويت فى الخارج.. اختراق لم يتحقق

  مصر اليوم -

التصويت فى الخارج اختراق لم يتحقق

د. وحيد عبدالمجيد

رسمت بعض وسائل الإعلام، اعتماداً على تقديرات بعض سفاراتنا بالخارج، صورة فيها كثير من التضخيم الحماسى بشأن تصويت المصريين بالخارج منذ اليوم الأول لاقتراعهم فى الانتخابات الرئاسية الجارية. كان الخطاب السائد هو أن هذا تصويت غير مسبوق ولا مثيل له فى كل اقتراعاتهم السابقة، وهى ثلاثة لا غير أو أربعة إذا فصلنا الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة 2012 عن جولة الإعادة.
وكانت الرسالة الواضحة فى هذا الخطاب الإعلامى- الدبلوماسى هو أننا إزاء إقبال لا سابق له ينبئ باختراق كبير فى هذه الانتخابات يتجاوز بكثير جداً معدلات مشاركة أهلنا بالخارج من قبل.
وكانت المبالغة شديدة منذ الساعات الأولى لبدء الاقتراع، ولم تحدث أى مراجعة لهذا المنهج التهويلى عندما أُغلقت الصناديق فى نهاية اليوم الأول على 68 ألف صوت فقط وفق المؤشرات الرسمية الأولية، أى أقل من ربع المشاركين فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية السابقة والذين بلغ عددهم 314 ألف ناخب.
ومع ذلك، لم يستوقف هذا المستوى من الإقبال المبالغين فيه حتى عندما لم يزد المقترعون فى اليوم الثانى سوى عشرة آلاف فقط- مقارنة بسابقه- رغم أنه يوم عطلة رسمية (الجمعة). فقد شارك فى اليوم الثانى نحو 78 ألف ناخب وفق النشرات الرسمية أيضاً. أما اليوم الثالث، وهو عطلة أيضاً (السبت) فقد ارتفع عدد المقترعين قليلاً إلى 82 ألفا.
وهكذا كانت المؤشرات الرسمية تفيد أن عدد المقترعين فى نهاية اليوم الثالث لم يزد على 228 ألفا، أى أقل بحوالى 94 ألفا عن عدد المشاركين فى الجولة الأولى لانتخابات 2011. وعندئذ كان ضرورياً مد التصويت ليوم خامس حتى لا يقل عدد المقترعين عما كان عليه فى انتخابات 2012. ومع ذلك لم يؤد المد سوى إلى زيادة لا تتجاوز ستمائة صوت فى عدد المشاركين هذه المرة.
ولذلك فالسؤال المهم الآن هو: كيف نفسر الوقوع فى أسر هذا التضخيم فى عملية تقوم فى المبتدأ والمنتهى على أرقام وبيانات محددة، وهل يجوز بناء تقديرات إحصائية بناء على مشاهد تتعلق بطوابير لناخبين ينتظرون الإدلاء بأصواتهم، وكيف نجرى مقارنات بدون استدعاء معلومات أساسية يسهل الحصول عليها لأنها موجودة فى أرشيفات وسائل الإعلام كلها؟
وثمة تفسيران قد يساعدان فى فهم كيف حدثت المبالغات فى تصويت المصريين بالخارج هذه المرة. أولهما هو الاعتقاد- مجرد الاعتقاد- فى أن تغيير أهم القواعد المنظمة لعملية الاقتراع لتسهيلها بدرجة غير مسبوقة لابد أن يؤدى تلقائياً إلى ارتفاع غير مسبوق أيضاً فى معدلات المشاركة. فهذا هو الاقتراع الأول الذى يُلغى فيه شرطا التسجيل المسبق للناخبين وحيازتهم بطاقة الرقم القومى، ويُتاح فيه التصويت بجواز السفر مادام متضمناً هذا الرقم ضمن بياناته.
غير أن ازدياد الإقبال بسبب تيسير إجراءات الاقتراع إلى هذا الحد، بغض النظر عن عوامل أخرى، لم يكن إلا مجرد افتراض.
وهذا خطأ منهجى، أى يتعلق بطريقة التفكير، لأنه ينتُج عن التركيز على عامل واحد وتجاهل غيره. فقد تم إغفال أن التسهيل غير المسبوق للإجراءات لا يكفى لزيادة المشاركين فى غياب أساس موضوعى نتيجة مثل حداثة التجربة وتباين الاقتناع بجدوى المشاركة فى انتخابات أو استفتاءات، فضلاً عن التفاوت الطبيعى فى مستويات ارتباط المصريين فى الخارج بالأحداث الجارية فى وطنهم.
أما التفسير الثانى فهو إغفال أن تيسير إجراءات الاقتراع لم يشمل مراجعة إجراء تعسيرى مهم فُرض للمرة الأولى فى الاستفتاء الأخير على الدستور، وهو إلغاء التصويت عن طريق البريد.
وكان لإلغاء الحق فى الاقتراع عبر البريد أثر قوى واضح فى استفتاء يناير 2014 حيث انخفض عدد المشاركين فيه إلى 107 آلاف فقط، بعد أن كان هذا العدد 246 ألفاً فى استفتاء ديسمبر 2012، و 314 ألفاً فى الانتخابات الرئاسية السابقة.
وهذا تراجع طبيعى لأن اشتراط حضور الناخب شخصياً يضعف فرص مشاركة الناخبين الذين يعيشون فى مدن بعيدة عن لجان الاقتراع المحصورة فى السفارات وبعض القنصليات.
فليتنا نتعلم من هذه التجربة أن نبنى تقديراتنا على أساس معلومات وبيانات وتفكير منهجى، وليس فقط على الحماس وأن نضع استراتيجية للتواصل الجدى مع أهلنا فى الخارج، الذين لا نتذكرهم إلا حين نحتاج إليهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التصويت فى الخارج اختراق لم يتحقق التصويت فى الخارج اختراق لم يتحقق



GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... من سيكتب الدستور؟

GMT 10:02 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

اكتب أنت يا عندليب!

GMT 10:00 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أُهدى جائزتى.. إلى جريدتى

GMT 09:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الزمن الإسرائيلى

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon