بقلم د. وحيد عبدالمجيد
هالنى ما وجدتُه فى برنامج حكومة المهندس شريف إسماعيل, الذى يقع فى أكثر من مائتى صفحة, عندما قرأته كاملاً. فأقل ما يوصف به هذا البرنامج أنه قديم جداً بمعيار العصر الذى نعيش فيه، وبمقياس التركيبة العمرية الشابة فى مصر. أفضل ما فيه هو رصد التحديات الكبرى (12تحدياً) وما يقترن بها من أزمات واختلالات.
ولكن هذا الرصد الجيد لم يؤد إلى تقديم أفكار جديدة تناسب حجم التحديات ونوعها. فالتوجهات الأساسية فى البرنامج تُعيد إنتاج السياسات الAتى أدت إلى تراكم الاختلالات على مدى عدة عقود، حتى صارت التحديات ثقيلة.
لم أتوقع أصلاً أن يكون البرنامج أفضل كثيراً. ولكننى لم أتوقع أيضاً أن يخلو من فكرة واحدة جديدة على هذا النحو. فالحكومات التى تُشكل بالطريقة القديمة، وبدون رؤية واضحة لهذا التشكيل، تعمل بطريقة قديمة أيضاً.
غير أن المشكلة قد لا تكون محصورة فى الطريقة الروتينية لتشكيل الحكومة، والتى تؤدى إلى تغيير أسماء بدون تجديد فى الأفكار والسياسات0 فنمط التفكير هذه المرحلة من التاريخ يرتبط فى أحد جوانبه، وليس كلها بالتأكيد، باختلاف الأجيال.
فالشباب أكثر ميلاً إلى التجديد فى الأغلب الأعم، وليس بشكل حصرى. والفروق بين الأجيال فى أنماط التفكير تزداد سرعة فى عصر ثورة الاتصالات والمعلومات.
ولذلك فإذا أردنا تجديد العمل الحكومى، وتطوير الجهاز التنفيذى، ينبغى ضخ دماء شابة فيه. فليس صحيحاً أن مصر تخلو من العقول الشابة المبتكرة والمبدعة. لدينا من هذه العقول ما نحتاجه لمواجهة أزمة العجز عن التجديد. توجد هذه العقول فى مختلف المجالات، ولكنها لا تجد الفرصة فى العمل الحكومى إلا قليلاً أو نادراً.
فهى تظهر بوضوح أكثر فى المجالات التى يستطيع الشباب المبدع أن يشق طريقه فيها بنفسه. وفى بعض الأحيان تلتفت جهات حكومية إلى إبداعهم، وخاصة فى مجال الفن الذى يشهد الآن تجديداً أكثر من أى مجال آخر. نجد هذا التجديد الفنى فى الموسيقى والمسرح بصفة خاصة. ومن أهم مظاهرها فى المسرح تقديم أعمال كلاسيكية برؤى وأفكار جديدة تُخرج هذا الفن من جموده، وتبث فيه روحاً جديدة.
وفى هذا التجديد الفنى دليل على أن فى مصر شباباً يستطيعون تقديم أهم ما ينقصها الآن، وهو الأفكار الجديدة خارج الصندوق العجوز القديم الذى أكله الصدأ, وأوشك أن يأكلنا معه.