بقلم د. وحيد عبدالمجيد
ما أصعب الحفاظ على الصحافة المطبوعة أو الورقية فى هذا العصر الذى تزداد كل يوم المؤشرات الدالة على أنه ليس زمنها. كان انطلاق هذه الصحافة بعد اختراع المطبعة ثورة كبري. صمدت فى مواجهة أول تحد كبير واجهته، وهو اختراع الراديو. وواصلت صمودها إزاء تحد أكبر فى ظل وجود التليفزيون بمحطاته الأرضية ثم الفضائية.
لكن كثرة التحديات أنهكت الصحافة المطبوعة فى العالم. ضعفت قدرتها على الصمود فى مواجهة ثورة الاتصالات والمعلومات التى أوجدت تحديا لا سابق له. ولذلك يزداد عدد الصحف التى ترفع الراية البيضاء أمام عنفوان هذه الثورة، وتوقف إصداراتها الورقية المطبوعة، وتتحول إلى صحف إلكترونية. فالتحدى هذه المرة هائل فى قوته. عدد القراء الذين يشترون الصحف المطبوعة ليعرفوا الأخبار يتقلص بسرعة. فأخبار الأحداث التى تقع فى أى مكان هى أكثر «السلع» توافرا اليوم، وأولا بأول، عبر المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، ومواقع التواصل الاجتماعى على «الإنترنت». وكل هذه تسبق الصحيفة والتليفزيون، وتتسع لأكثر مما يمكن أن ينقله أى منهما.
ورغم أن معظم الصحف المطبوعة مازالت تقاوم، وتسعى إلى الاستمرار، أصبح ضروريا أن يكون لدى كل منها «خطة ب»، وأن تكون هذه خطة مدروسة ومتكاملة للتحول إلى صحيفة إلكترونية فى وقت ما سواء كان قريبا أو بعيدا حتى تتجنب السيناريو الأسوأ فى حالة اضطرارها إلى هذا التحول فى لحظة ما.
فالفرق كبير بين الصحيفة المطبوعة والصحيفة الالكترونية. والوصفة الأسوأ فى حالة التحول من المطبوع إلى الالكترونى هو أن توضع صفحات الصحيفة التى يتوقف إصدارها الورقى على «الانترنت».
يحتاج هذا التحول إلى تحديث شامل لمفهوم الصحيفة لتتناسب مع العصر الرقمي، وليكون القارئ شريكا فى تحريرها عبر وسائل تفاعلية عدة لا تقتصر على إتاحة الفرصة له للتعليق.
ولعل أهم ما يتطلبه تحول أية صحيفة من ورقية مطبوعة إلى الكترونية هو التحليل والعمل على مضمون الخبر الذى ستظل منصات أخرى أكثر سرعة فى نقله ونشره.
وهذا هو ما يتيح للصحيفة الالكترونية تقديم قيمة مضافة تُميزها عن المنصات الأخرى على االإنترنت«، وليس التحديث المستمر للخبر. وربما يكون الأفضل بشأن هذا التحديث هو إجراؤه ثلاث أو أربع مرات فى اليوم على الأكثر، لكى يتضمن قيمة تحليلية مضافة، ويتعود متابعوها على تصفحها فى الأوقات التى يُجرى فيها.