د. وحيد عبدالمجيد
لم يستوعب قادة حزب النور الذين ردوا على الاجتهاد المنشور هنا يوم الأربعاء الماضى الفكرة الرئيسية فيه. وربما يعود ذلك إلى صعوبة الموقف الذى يجدون أنفسهم فيه نتيجة عدم وجود أي مسافة بين الحزب وجمعية الدعوة السلفية التى يتبعها، فى الوقت الذى يحاولون الإيحاء بأنه حزب مستقل.
فالفكرة المتضمنة فى «اجتهاد» 23 مارس الحالي هى وجود حالة التباس بسبب الاختلاف بين النص الدستورى الذى يمنع تأسيس أحزاب على أساس دينى، والنص القانونى الذى يحظر فقط الأحزاب التى تقوم على التفرقة بسبب الدين. وواضح هنا أن النص القانونى أضيق من النص الدستورى. وبناء على ذلك شرحتُ فى حدود المساحة المتاحة أن المطالبين بحل الأحزاب الدينية لا يعرفون أن النص الدستورى لا يُطبق بذاته بل عبر القانون. ورغم أن أحد قادة حزب النور الذين هاجموا ما طرحتُه الأسبوع الماضى يعمل فى مجال القانون، فهو لا يعرف أن تعديل قانون الأحزاب لينسجم مع النص الدستورى لا يؤدى الى حل الأحزاب الدينية بشكل تلقائى.
وهذا عجيب لأن أي معرفة بسيطة بالمسائل الدستورية والقانونية تساعد على فهم ثلاثة أمور بديهية. أولها أن القانون سواء كان جديدا أو معدَّلا لا يُطبق بأثر رجعى. وثانيها أن إجراء هذا التعديل ضرورى لاحترام الدستور وليس لأى سبب سياسى.
أما الأمر الثالث فهو أن تعديل القانون لن يتجاوز تحديد المواصفات التى يُعد الحزب قائما على أساس دينى إذا انطبقت عليه. ولذلك فمن الطبيعى أن حزب النور ستكون لديه فرصة كافية مثل غيره لتوفيق أوضاعه وفق هذا التعديل. فإذا تضمن التعديل مثلا أن الحزب يُعد قائما على أساس دينى إذا كان امتدادا لجمعية دعوية، أو فى حالة وجود تداخل فى العضوية بينهما، سيكون على قادة الحزب وأعضائه المنتمين إلى جمعية الدعوة السلفية الاستقالة منها وفك الارتباط بها.
وإذا كان من السهل لغير القانونيين فهم ذلك, فمن عجب ألاَّ يستوعبه مساعد رئيس حزب النور للشئون القانونية الذى تساءل بصيغة الاستنكار عن سبب عدم إشارتى إلى توفيق الأوضاع بعد تعديل القانون.
ولعله يستوعب الآن أن توفيق الأوضاع أمر بديهى فى مثل هذه الحالة، وأن تطبيق القانون فى حالة تعديله يبدأ بهذا الإجراء إذا رغب أى حزب فيه. وفى النهاية سيكون القضاء هو الحكم لعدم جواز حل أى حزب إلا بحكم قضائى.