د. وحيد عبدالمجيد
قيل فى وصف حالات مشابهة أو قريبة من بعض ما يحدث فى مصر الآن إن شيئاً من الخيال قد يطغى فى ظروف غير طبيعية على الواقع. وأى خيال ذلك الذى كان ممكناً أن يشطح إلى الحد الذى نسمع فيه ونقرأ اتهام أحد أشرف رجال مصر بفساد كان القضاء عليه ضمن أهداف نضاله الطويل منذ سبعينيات القرن الماضى.
ولكن محاولة تشويه كمال أبو عيطة، الذى يمكن أن يختلف أى أحد معه ولكن لا يمكن الاختلاف على نزاهته، ليست إلا حلقة فى سلسلة الإساءة إلى رموز النضال الوطنى الديمقراطى الذين يصرون على تحقيق أهداف ثورة 25 يناير فى الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
وإذا كان أبو عيطة أخطأ فلأنه قبل الالتحاق بحكومة نصح العقلاء كل من كانوا ينتمون وقتها إلى جبهة الإنقاذ الوطنى وأحزابها بعدم المشاركة فيها حين انفرد شخصان غادر أحدهما البلاد هارباً من الميدان كعادته، ودفع الحزب الذى يرأسه الثانى ثمناً فادحاً، بقرار اختيار حازم الببلاوى رئيساً لها، وضم سبعة محسوبين على القوى الديمقراطية إليها.
وكان منطق هذا النصح هو أن الظروف البالغة الصعوبة فى تلك اللحظة ستجعل الحكومة تحت نار انتقادات شديدة مهما فعلت، وأن القوى المضادة لثورة 25 يناير ستجد مشاركة حزبيين وسياسيين من أنصار هذه الثورة فيها فرصة لتشويه الأحزاب والسياسة وكل ما يتعلق بهما.
وهذا هو ما حدث بالفعل، وبأكثر مما كان متوقعاً. فقد صارت حكومة الببلاوى هدفاً لحملات القوى التى سعت إلى تفكيك تجمع 30 يونيو، وعملت من أجل خلق تناقض بينها وبين 25 يناير، واستخدمت كل إمكاناتها المالية والإعلامية والاجتماعية، وقدم لها الإرهاب الأسود الأعمى الذرائع التى تحتاج إليها فى محاولتها إعاقة التقدم نحو بناء مصر مدنية ديمقراطية حديثة تعيش فى هذا العصر.
ولم تتوقف بعد هذه الحملات التى يسعى مخططوها لإقحام اسم أى من وزراء حكومة الببلاوى المؤيدين لثورة 25 يناير فى أي مصيبة تُكتشف فى الوزارة التى تولاها لشهور قليلة.
وسيظل هؤلاء يدفعون ثمن موقفهم، وكذلك أحزابهم وخاصة الحزب الديمقراطى الاجتماعى الذى أصبح «ضيف شرف» فى البرلمان الجديد بعد أن حصل على أقل من 1 فى المائة من مقاعده (5 من إجمالى 568) بسبب انتماء رئيس تلك الحكومة ونائبه إليه.
نقلاً عن "الأهرام"