د. وحيد عبدالمجيد
أراح منتخبنا الوطنى لكرة القدم المصريين من المعاناة التى كان سيتكبدها من يريد السفر وراءه لتشجيعه فى الدورة الثلاثين لبطولة كأس الأمم الإفريقية، التى يغيب عنها للمرة الثالثة على التوالى. فقد تحول فشله فى التأهل إلى «مكسب» بعد اعتذار المغرب عن تنظيم الدورة خوفاً من انتقال فيروس «الإيبولا» إليه، ونقلها إلى غينيا الاستوائية.
فما أشدها معاناة مشجعى المنتخبات المشاركة فى هذه الدورة بسبب القيود الرهيبة التى فرضتها السلطة فى غينيا الاستوائية على من ذهبوا إليها لمساندة منتخبات بلادهم، بعد أن منعت بعضهم من الدخول.
فقد فرضت على من سمحت لهم بالدخول تسليم جوازات سفرهم عند الوصول لضمان مغادرتهم، كما لو أنها «جنة» لا مثيل لها على الأرض! والتزم الاتحاد الإفريقى لكرة القدم الصمت التام تجاه هذه الإجراءات. فقد واجه «الكاف» أزمة هددت بتنظيم البطولة خارج القارة للمرة الأولى فى تاريخها بسبب اعتذار المغرب. ولم ينقذه من هذه الأزمة إلا السلطة الجاثمة على صدر شعبها فى غينيا الاستوائية منذ 35 عاماً، وصاحبة أحد أكثر السجلات سوءاً فى الحريات العامة وحقوق الإنسان على المستوى الدولى.
ولذلك احتجت منظمات حقوقية عدة على استضافة غينيا الاستوائية هذه الدورة، وتساءلت منظمة «مراسلون بلا حدود» عن كيفية تجاهل سجلها الرهيب فى قمع حرية الإعلام.
ورغم أن هذا الحدث يمكن أن يسهم فى تخفيف العزلة المفروضة على شعب غينيا الاستوائية، فربما يؤدى إلى زيادة الأعباء المعيشية التى يعانى منها. فقد اتخذت السلطة التى تحكم بقبضة من حديد قرار استضافة دورة كأس الأمم الإفريقية بدون دراسة، كما هو معتاد فى هذا النوع من النظم، علماً بأنها تعتمد اعتماداً كاملاً على صادراتها المحدودة من النفط الذى انخفض سعره إلى نحو النصف فى الشهور الأخيرة.
فتمثل هذه الصادرات نحو 90 فى المائة من الإيرادات وسيكون على الشعب المسكين أن يتحمل تبعات النفقات المترتبة على قرار استضافة الدورة، مثلما تعانى جماهير تحب كرة القدم وتريد تشجيع منتخباتها الأمرين بسبب التعسف فى معاملتها. ويثير ذلك التساؤل مجددا عن موقف الاتحاد الافريقى تجاه هذه الممارسات, و«لنظارة» الفاسدة التى رأى بها ثورة شعبية فى مصر انقلابا قبل أن يدرك الحقيقة, وتحجب عنه الان ما تتعرض له جماهير الكرة فى غينيا الاستوائية.