د. وحيد عبدالمجيد
ليت كل منا يجد وقتاً قصيراً ولو للحظات يتحرر فيه من الأجواء الثقيلة الكئيبة التى تحيط بنا جميعاً نتيجة ما أصبحنا فيه من عداء لبعضنا البعض.
وليس مطلوباً خلال هذه اللحظات التى نحاول أن ننفصل فيها عن واقعنا المؤلم إلا أن يسأل كل منا نفسه بضع أسئلة مثل:
هل أستطيع كبح جماح غضبى وانفعالى وضبط أعصابى عندما أدخل فى خلاف مهما كانت حدته، فلا أفجر فى الخصومة، بل أدرك أن كلماتى مثل نصل السيف فأحاول ألاَّ أدمى بها آخرين أو أطعن بها أفئدتهم؟
هل أستطيع إذا انهالت عليَّ هجمات آخرين وشتائمهم التى صارت معتادة أن أتجنب الرد بالمثل وأحاول تلمس أعذار لهم فى الصدمات التى توالت علينا منذ أن أساء المجلس العسكرى السابق إدارة شئون البلاد فأبعد الأمل الذى كدنا نمسكه بأيدينا، ثم أدخلنا “الإخوان” فى صدام دموى خلق رد فعل غوغائى فى مواجهة عدوانهم؟
هل أستطيع إذا وجدتُ نفسى هدفاً لظلم وعدوان لفظى أو مادى أن أتذكر حكمة خالدة ولكنها منسية، وهى أن أكثر الناس فُجراً فى الخصومة هم أضعفهم وأكثرهم وهناً وهشاشة على كل صعيد، وأن مقابلة عدوانهم بالمحبة قد يكون خطوة على طريق إضاءة الظلام الذى يغمرنا حتى إذا كان طوله ألف ميل؟
هل أستطيع، إذا كنتُ ممن يؤمنون بأن الاختلاف بين الناس طبيعي، أن أقبل رأياً مخالفاً أو نقداً حاداً لأنه قد ينطوى على شيء من الصواب أو أقول لصاحبه قولاً حسناً إذا لم أجد فيه مثل هذا الصواب؟
هل أستطيع أن أضع حداً لأنانيتى وأطماعى فى ظل منظومة طغت فيها المصالح الشخصية الشديدة الضيقة وضعف مفهوم المصلحة العامة وربما تلاشى إلا فيما قل أو ندر؟
هل أستطيع أن أمتلك شجاعة الاعتراف بالخطأ حين أخطئ، وأن أكون أكثر جسارة فأعتذر عن هذا الخطأ وأقدم نموذجاً فى الأمانة والاستقامة؟
فإذا كان عدد معقول منا يقدر على هذا كله، أو حتى على جزء معقول منه، فهذه بشرى بأننا نستطيع عبور أزماتنا المتراكمة حتى بعد أن استحكمت حلقاتها. أما إذا لم نستطع، فقل علينا السلام.