بقلم د. وحيد عبدالمجيد
الشكوى من وجود عمالة زائدة فى الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها الإدارية لا تنقطع. ورغم تعدد المشاكل الكبيرة فى الجهاز التنفيذى، تحظى مشكلة العمالة الزائدة بأكبر قدر من الاهتمام، وكأن حلها سينقل هذا الجهاز من حال إلى حال.
ولكن الاهتمام بمشكلة العمالة الزائدة لا يصل إلى المستويات العليا فى الحكومة والجهاز التنفيذى. كان أقصى ما بلغه فى بعض الأوقات هو المطالبة بخفض أعداد المستشارين الذين تجاوزوا سن التقاعد، بينما يحصل بعضهم وربما كثير منهم على مكافآت تزيد على آخر ما كانوا يتقاضونه قبل إحالتهم إلى المعاش.
ومع ذلك، لا يعرف أحد ما إذا كان عدد هؤلاء المستشارين يقل أم يزيد، ولا كم يبلغ على وجه التحديد، ولا إجمالى ما يحصلون عليه، والأثر الذى يمكن أن يترتب على توفير هذه النفقات وتخصيصها لما هو مفيد.
ورغم شدة اهتمامنا بمشكلة العمالة الزائدة، إلا أننا لا ننتبه إلى أن وجود أكثر من ثلاثين وزيراً فى الحكومة يستنزف موارد تشتد الحاجة إليها فى مجالات أخرى، وأن بعض هؤلاء الوزراء بالتالى هم أنفسهم يعُدون عمالة زائدة.
وينتج ذلك عن الطريقة العشوائية المتبعة فى تشكيل الحكومات منذ عقود طويلة. وإذا تابعنا تطور هذا التشكيل من حكومة إلى أخرى، ستظهر هذه العشوائية واضحة فى استحداث وزارات ثم إلغائها (وآخرها وزارتىا العدالة الانتقالية والعشوائيات والتعليم الفنى)، وفى ضم وزارتين لبعض الوقت ثم فصلهما، قبل إعادة تركيبهما مرة أخرى. وهذا فضلاً عن إلغاء وزارات ثم إعادتها بعد سنوات دون أن يعرف أحد المنطق فى ذلك، مثل وزارة قطاع الأعمال العام التى أُعيدت فى الحكومة الحالية.
والحال أنه لم يعد هناك مثل هذا العدد من الوزراء فى الدول المتقدمة والسائرة فى طريق التقدم، لأن كثرة عدد الوزارات يحول دون العمل كفريق، ويجعلها جزراً معزولة عن بعضها.
كما أن زيادة عدد الوزارات يعنى تخصيص مبالغ أكبر للإنفاق عليها، حيث لكل وزير مكتب فخم وكأن هذا هو معيار الأهمية، وسكرتارية عريضة، وسحاشيةس تسير فى ركابه، ومستشارون لا حاجة إلى معظمهم.
ويحدث هذا كله فى ظل انخفاض مستوى الأداء الحكومى، والذى يعود فى جانب منه إلى غياب الانسجام والعمل المشترك بين عدد كبير من الوزراء لا نعرف ما يفعله بعضهم، ولا سبب وجود بعض آخر منهم.