بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
مر اليوم العالمى للكاميرا (29 يونيو) دون أن يشعر به أحد. لم يُذكر إلا فى قليل من وسائل الإعلام التى تعاملت معه كأنه يتعلق بحدث من أحداث التاريخ البعيد.
فهل هى مفارقة تجاهل يوم خُصص للاحتفاء بآلة أحدثت تغييراً جوهرياً فى نمط الحياة، فى الوقت الذى وصل هذا التغيير إلى ذروته فيما نسميه عصر الصورة، أم أن الأمر لا يعدو تعبيراً عن آخر تطور يشهده هذا العصر حتى الآن بعد أن أصبحت موجودة فى الهواتف الذكية التى يحملها أعداد متزايدة من الناس فى كل مكان؟
الأرجح أننا لسنا إزاء مفارقة لأن التغيير الذى أحدثته الثورة الرقمية فى حياة البشر نقل التصوير والصورة إلى عصر جديد تماماً. فقد اقتضى تطوير الكاميرا جهوداً مضنية على مدى عقود طويلة منذ تصميم أول كاميرا تجارية عام 1839، ثم تأسيس أول شركة فى هذا المجال كوداك فى نهاية القرن التاسع عشر، وصولاً إلى إنتاج أنواع لا حصر لها من الكاميرات المتعددة الأغراض، الأمر الذى أتاح نشأة فن السينما والتقدم الهائل الذى يشهده.
يبدو هذا كله اليوم تاريخاً بعيداً بالنسبة إلى من يستخدمون هواتفهم فى تصوير كل ما يحيط بهم، والتقاط صور لأنفسهم سيلفى بمجرد ضغطة على زر فى الهاتف، ويُتاح لبعضهم التقاط الصور الأولى لأحداث كبيرة يجدون أنفسهم فى قلبها وبالقرب منها، فتُنتشر هذه الصور وتُبث فى وسائل الإعلام، وكأنهم مصورون صحفيون.
لم يعد الأمر يتطلب وجود مصورين محترفين، وسيارات البث المباشر الباهظة الثمن، إلا فى المناسبات الرسمية، والأحداث الرياضية والفنية وقليل من الفاعليات الأخري، التى يشاهدها عدد كبير من الناس. فقد أصبح فى إمكان جهاز الهاتف الذكى المزود بتقنيات حديثة وإنترنت سريع أن يبث الحدث من أى مكان فى العالم.
ولا يعنى ذلك أن مهنة المصور الصحفى مُهدَّدة بالانقراض رغم التطور السريع، والذى يبدو أنه بلا نهاية, فى تقنيات الهواتف الذكية، والتقدم المتوقع فى تشغيل الطائرات بدون طيار والمزودة بكاميرات قادرة على التصوير بزاوية 360 درجة.
غير أنه سيكون على المصوَّرين المحترفين بذل جهد أكبر كل يوم للارتقاء بمستوى أدائهم لكى تبقى الحاجة إليهم قائمة فى عصر الصورة الذى يدخل مرحلة الاستغناء عن الكاميرا التقليدية.