بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لا حدود للصفقات فى الموسم الصيفى لانتقالات اللاعبين بين أندية كرة القدم. الصفقات ظاهرة عالمية منذ أن تحولت الرياضة عموماً، وكرة القدم بالأخص، إلى بيزنس واسع النطاق. ولكن الفرق بين هذا «البيزنس» فى مصر، وفى بلدان تحقق إنجازات رياضية كبيرة، يكمن فى طريقة إدارته ومدى العقلانية أو الرشادة فيها.
والسمة الأساسية لصفقات انتقالات اللاعبين فى مصر هى انخفاض مستوى الرشادة، وارتفاع معدلات العشوائية، وشيوع الفساد الظاهر منه والمستتر. فليست العمولات المقننة فى هذا المجال كلها مشروعة، لأن بعضها ينتج عن صفقات لا تحتاج إليها الأندية التى تشترى لاعبين لا تلمس أقدام بعضهم الكرة فى مباريات رسمية إلا لبضع دقائق فى موسم كامل، ثم يتعذر بيع عدد منهم فيعارون إلى أندية أخرى. وهذا فضلاً عما يحصل عليه بعض الوسطاء من ناد يبيع لاعباً، أو من لاعب مستفيد من انتقاله من ناد إلى آخر. وتكفى نظرة واحدة إلى مصير الصفقات، التى عقدها الأهلى والزمالك فى مثل هذه الأيام من العام الماضى، لتوقع ما سينتج عن الصفقات التى عُقدت فى الأيام الماضية، ومازال بعضها ينتظر نتائج سباقات عينية على بعض اللاعبين.
ولكن الخسائر التى تُمنى بها أندية تشترى لاعبين بلا مقتضى لا تُقارن بالخسارة العامة التى تلحق بالكرة المصرية التى يتسم الأداء فيها بالتذبذب. فما أن تحقق خطوة إلى الأمام حتى تتراجع أخرى أو أكثر إلى الوراء.
وربما يكون الأثر الأكثر فداحة لجنون صفقات شراء اللاعبين هو تدمير ناشئين موهوبين وواعدين لا يجدون لهم مكاناً فى الفريق الأول الذى يزدحم بلاعبين قادمين من الداخل والخارج. ويبلغ هذا التدمير ذروته هذه الأيام نتيجة قرار عشوائى غريب بدمج بعض فرق الناشئين فى النادى الأهلى، بالمخالفة للقواعد التى نتجت عن تجارب طويلة فى الكرة العالمية، وفى مقدمتها خطأ دمج ناشئين أصغر مع نظرائهم الأكبر عمراً.
وفضلاً عن الأثر السلبى لإغفال الفروق العمرية، يؤدى دمج فرق الناشئين إلى الاستغناء عن أعداد من اللاعبين تزداد كلما توسع نطاق هذا الدمج. وبذلك يخسر النادى ناشئين أنفق على إعدادهم ورعايتهم لسنوات، وقد يكون بينهم مواهب يصعب تعويضها، وربما ينتقل بعضهم إلى أندية أخرى ويتألقون فيها ثم يشتريهم النادى الذى استغنى عنهم بمبالغ كبيرة.