توقيت القاهرة المحلي 15:37:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استخف بالتاريخ .. فصدمه

  مصر اليوم -

استخف بالتاريخ  فصدمه

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

تدل كتابات فرانسيس فوكوياما وتعليقاته فى الشهور الأخيرة على أن الصدمة التى أصابته، منذ فوز دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، تزداد بشكل مطرد. كان فوكوياما قد بدأ يدرك فى السنوات الأخيرة أن «نظريته» التى طرحها فى نهاية ثمانينيات القرن الماضى عن «نهاية التاريخ» لم تكن إلا «نزوة» فكرية تصيب أى عقل، مهما كان كبيراً، إذا سيطر عليه جمود أيديولوجى. وكان كتابه «النظام السياسى .. والاضمحلال السياسى» الصادر عام 2014 تعبيراً ضمنياً على أنه بدأ فى إدراك أن النظام السياسى القائم على الديمقراطية الليبرالية- التى بَّشر بأنَّها خاتمة التطور الإنسانى- لا يخلو من اختلالات ونقائص.

غير أن إدراكه ذلك لم يصل إلى مراجعة أطروحته التى طرحها فى مقالة «نهاية التاريخ» التى نُشرت فى مجلة «ناشيونال انترست» فى صيف 1989، أى فى حالة نشوة ارتبطت بسقوط جدار برلين، ثم طوَّرها فى كتاب «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» الصادر عام 1992 فى لحظة بدا له فيها أن العالم لا يتغير فقط، بل يأخذ صورته النهائية التى لن تتغير.

وكان واضحاً لمن يتابع فوكوياما أن صعود الأحزاب والحركات القومية المتطرفة والشعبوية فى أوروبا فى السنوات الأخيرة، وإدراكه الاختلالات المتزايدة فى النظام السياسى الأمريكى، أحدثا شيئاً من الاضطراب فى تفكيره. وتحول هذا الاضطراب إلى صدمة حادة بفعل نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية التى نزلت عليه، فيما يبدو، كأنها صاعقة على النحو الذى نستشفه من كتاباته الأخيرة.

ويعودخطأ فوكوياما الجوهرى إلى استخفافه بالتاريخ، والخفة التى تعامل بها مع مرحلة شهدت تحولاً مهولاً بالفعل، ولكنها لم تكن إلا مرحلة0 ورغم أنه لم يخطئ فى فهمه أن حركة التاريخ تمثل عملية ارتقاء متواصل، فقد أخطأ حين تخيل أن هذا الارتقاء يحدث عبر تطور خطى فى اتجاه واحد، ولم يدرك أنه متأرجح يشهد خطوات إلى الأمام وأخرى إلى الوراء.

وهكذا لقن التاريخ فوكوياما درساً بليغاً عندما استخف به. وليت كل من يستهينون بالتاريخ يعرفون أن هذا مصير من يتعالون على دروسه، أو يتجاهلونها حين تكون ماثلة أمامهم لا يتطلب إدراكها سوى التفاتة إلى ما حدث فى بلادهم قبل عقود قليلة، لكى لا يعيدوا انتاجه.

المصدر : صحيفة الأهرام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استخف بالتاريخ  فصدمه استخف بالتاريخ  فصدمه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon