توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استخف بالتاريخ .. فصدمه

  مصر اليوم -

استخف بالتاريخ  فصدمه

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

تدل كتابات فرانسيس فوكوياما وتعليقاته فى الشهور الأخيرة على أن الصدمة التى أصابته، منذ فوز دونالد ترامب فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، تزداد بشكل مطرد. كان فوكوياما قد بدأ يدرك فى السنوات الأخيرة أن «نظريته» التى طرحها فى نهاية ثمانينيات القرن الماضى عن «نهاية التاريخ» لم تكن إلا «نزوة» فكرية تصيب أى عقل، مهما كان كبيراً، إذا سيطر عليه جمود أيديولوجى. وكان كتابه «النظام السياسى .. والاضمحلال السياسى» الصادر عام 2014 تعبيراً ضمنياً على أنه بدأ فى إدراك أن النظام السياسى القائم على الديمقراطية الليبرالية- التى بَّشر بأنَّها خاتمة التطور الإنسانى- لا يخلو من اختلالات ونقائص.

غير أن إدراكه ذلك لم يصل إلى مراجعة أطروحته التى طرحها فى مقالة «نهاية التاريخ» التى نُشرت فى مجلة «ناشيونال انترست» فى صيف 1989، أى فى حالة نشوة ارتبطت بسقوط جدار برلين، ثم طوَّرها فى كتاب «نهاية التاريخ والإنسان الأخير» الصادر عام 1992 فى لحظة بدا له فيها أن العالم لا يتغير فقط، بل يأخذ صورته النهائية التى لن تتغير.

وكان واضحاً لمن يتابع فوكوياما أن صعود الأحزاب والحركات القومية المتطرفة والشعبوية فى أوروبا فى السنوات الأخيرة، وإدراكه الاختلالات المتزايدة فى النظام السياسى الأمريكى، أحدثا شيئاً من الاضطراب فى تفكيره. وتحول هذا الاضطراب إلى صدمة حادة بفعل نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية التى نزلت عليه، فيما يبدو، كأنها صاعقة على النحو الذى نستشفه من كتاباته الأخيرة.

ويعودخطأ فوكوياما الجوهرى إلى استخفافه بالتاريخ، والخفة التى تعامل بها مع مرحلة شهدت تحولاً مهولاً بالفعل، ولكنها لم تكن إلا مرحلة0 ورغم أنه لم يخطئ فى فهمه أن حركة التاريخ تمثل عملية ارتقاء متواصل، فقد أخطأ حين تخيل أن هذا الارتقاء يحدث عبر تطور خطى فى اتجاه واحد، ولم يدرك أنه متأرجح يشهد خطوات إلى الأمام وأخرى إلى الوراء.

وهكذا لقن التاريخ فوكوياما درساً بليغاً عندما استخف به. وليت كل من يستهينون بالتاريخ يعرفون أن هذا مصير من يتعالون على دروسه، أو يتجاهلونها حين تكون ماثلة أمامهم لا يتطلب إدراكها سوى التفاتة إلى ما حدث فى بلادهم قبل عقود قليلة، لكى لا يعيدوا انتاجه.

المصدر : صحيفة الأهرام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استخف بالتاريخ  فصدمه استخف بالتاريخ  فصدمه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يفتح آفاقا جديدة في علاج سرطان البنكرياس

GMT 08:28 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 09:59 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

GMT 10:29 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

شريف مدكور يُعلن إصابته بفيروس يُصيب المناعة

GMT 12:37 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

طبيب الأهلي يعلن جاهزية الثلاثي المصاب للمباريات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon