بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
لا يصح أن يؤدى أى خلاف مهما كان إلى اتخاذ مواقف غير منصفة أو شن حملات كراهية وتشويه حتى إذا كان المختلف معه يفعل مثل ذلك. ولذلك يخطئ خصوم الرئيس ترامب فى الولايات المتحدة حين يتجاوزون القواعد التى ينبغى احترامها فى إدارة الخلاف معه، وخصوصاً حين يكون خلافهم معه مرتبطاً فى أحد جوانبه بانتهاكه هذه القواعد.
يشعر ترامب بظلم عبر عنه أكثر من مرة. وكان أكثرها وضوحاً قبل أيام حين قال إن الظلم الذى يتعرض له لم يحدث لرئيس أمريكى على مر التاريخ. وبغض النظر عن مبالغته فى التعبير عن هذا الظلم، فالحاصل أن خصومه لا يدعون فرصة للنيل منه، ويغمضون عيونهم عن محاولاته التكيف مع التقاليد السياسية الأمريكية، ويغفلون التمييز بين انتهاكات مقصودة لهذه التقاليد وأخرى ناتجة عن قلة خبرته بها وهو القادم من خارج مؤسسات سلطة الدولة.
كما أن بعضهم يتطلعون إلى الدفع باتجاه محاكمته أمام الكونجرس، بسبب أخطاء ارتكبها وهو الذى لم يمض أكثر من أربعة أشهر ونيف على دخوله البيت الأبيض.
وقد ارتكب ترامب بالفعل خطأين هائلين. أولهما إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى جيمس كومى الذى كان يحقق فى قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة. والخطأ الثانى إفشاء معلومات شديدة السرية خلال لقائه وزير الخارجية الروسى لافروف فى زيارته الأخيرة إلى واشنطن.
لم يُقَّدر ترامب عواقب إقالة المسئول الأول عن تحقيقات فى قضية بالغة الحساسية. كما لم يدرك الفرق بين معلومات سرية تماماً يحظُر أى حديث عنها، وأخرى سرية يمكن تداولها فى إطار محدود. وتصور أنه لا يوجد ما يمنع الحديث عن معلومات تلقتها الاستخبارات الأمريكية من الموساد الإسرائيلى الذى حصل عليها من عميل له فى أحد مستويات قيادة تنظيم »داعش« العليا. كما أن طبيعة شخصيته تجعله راغباً فى التفاخر بما يعلمه أو يعرفه دون تقدير العواقب.
ومع ذلك يحسن أن يصبر خصوم ترامب عليه، وأن يراجعوا مواقفهم على قاعدة عدم جواز مواجهة الانتهاكات بمثلها. فإذا كان ترامب عنصرياً فى بعض مواقفه تجاه الآخر، فلا يجوز أن ينطوى رد فعل بعض خصومه الليبراليين على ما قد يبدو »عنصرية« تجاهه بشكل أو بآخر