بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
حسناً فعلت لجنة الإعداد للدورة المقبلة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب (يناير 2018) عندما اختارت الكاتب المبدع الراحل عبد الرحمن الشرقاوي ليكون شخصية العام، حيث لم يأخذ الشرقاوي حقه من الاحتفاء والتكريم والتعريف بأعماله. ولذا يجوز اعتبار اختياره هذا بمنزلة رد اعتبار مستحق.
لا يعرف كثيرون أنه مؤلف الرواية التي نسج منها المبدع الكبير الراحل أيضاً حسن فؤاد سيناريو فيلم يُعد من روائع السينما العربية. شاهد الملايين فيلم «الأرض» دون أن يعرفوا إلا أنه فيلم للمخرج الكبير الراحل يوسف شاهين. قليل علي الأرجح هم من يعرفون أنه ما كان لهم أن يشاهدوه إلا لأن الشرقاوي كتب روايته.
تستمد هذه الرواية أهميتها من أنها أهم الروايات العربية التي تعالج قضية الصراع الطبقي في الريف. فالظلم الذي تعرض له الفلاحون لم يكن محصوراً في مصر، بل يقول لنا التاريخ إن هذا الظلم كان أقل مما حدث في بلدان كثيرة رزح فيها الفلاحون تحت نير الإقطاع الحقيقي الذي لم يوجد في مصر وفق التعريف العلمي له. سيكون معرض القاهرة للكتاب إذن فرصة لكي يعرف كثير من رواده ومتابعي نشاطاته إبداع الشرقاوي الذي كانت رواية «الأرض» إحدي بداياته الأولي، إذ بدأ نشرها في صحيفة «المصري» عام 1953، ولكنها لم تُستكمل، ثم صدرت في كتاب العام التالي. فقد ظل الاهتمام بإبداع الشرقاوي محصوراً في بعض المثقفين، وفي أوساط يسارية احتفت به في مناسبات عدة. وكان أكثر من أنصفه، وإن بالغ في الطريقة التي اختارها لهذا الغرض، الشاعر المبدع الراحل فؤاد حداد الذي كتب قبيل رحيله عام 1985 إن «الأرض» هي بداية الرواية، وربما قصد الرواية الاجتماعية-الطبقية.
كان الشرقاوي مبدعاً متعدد المواهب. كتب الشعر والمسرحية والمقالة السياسية والاجتماعية، إلي جانب الرواية. وعُرف مبكراً بقصيدة «من أب مصري إلي الرئيس ترومان»، التي عبرت عن التناقض الذي تبلور في خمسينيات القرن الماضي بين حركة التحرر العربية والسياسة الأمريكية في بداية تحرك الولايات المتحدة للسيطرة علي منطقتنا: (أعلم أنك تهوي الزهور/ فتنشر ألوانها في الدماء/ وتمشي من الأرض في حيث شئت لتقطف زهور الربيع/ فتسحق أوراقها اليانعات/ وتنثرها فوق أرض الشقاء/ وأعلم أنك تهوي العطور/ فتنشر في الأرض عطر العفونة).