بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
تلقيت رسالة غنية بالمعلومات من الكاتب الكبير الأستاذ محمد سلماوى حول «اجتهادات» 25 مايو الماضى بدأها بالشكر على تصحيح التباس لم يقصده الصحفى اللبنانى المعروف سمير عطاالله فى سياق حديثه عن ترجمته كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل The Cairo Documents إلى العربية تحت عنوان «عبد الناصر والعالم».
تؤكد الرسالة فرادة هيكل بين نظرائه من الكُتاَّب الذين أثارت أعمالهم اهتماماً عالمياً تجاوز حدود بلادهم، لأنه الوحيد الذى لم يترجم كتبه بنفسه بخلاف ما يفعله آخرون، بل كان يكتب الكتاب مرتين إحداهما بالإنجليزية والثانية بالعربية. ومن أهم ما جاء فى رسالة سلماوى قصة مهمة لا يعرفها كثيرون، بمن فيهم مترجم الكتاب المشار إليه، وهى أن هيكل فوجئ بالفرق الشاسع بين أسلوبه فى الكتابة العربية، والأسلوب الذى تُرجم به هذا الكتاب.
ويروى الأستاذ سلماوى أن هيكل انزعج من الأسلوب الذى كُتبت به الترجمة، ويقول: (مازلت أذكر يوم جمع هيكل فى مكتبه أعضاء القسم الخارجى فى «الأهرام»، وطلب منا أن نقوم بترجمة جديدة تماماً للكتاب بعد انتهاء صحيفة «النهار» من نشره. وكانت بعض أعداد الصحيفة أمامه، وأخذ يقرأ لنا بعض الأمثلة التى استوقفته. وقد انطبعت فى ذهنى إحداها أذكرها للمرة الأولي. ففى حديثه عن علاقة عبدالناصر بوزير الخارجية الأمريكى جون فوستر دالاس، جاء فى الترجمة التزاماً بما ورد فى الأصل الإنجليزى أنه كان وراء منع تمويل بناء السد العالي، وأراد عبدالناصر أن «ينكيه» فقام بتأميم قناة السويس. وقد استخدمت النهار كلمة عربية سليمة تفيد معنى النكاية لنقل ما ورد فى النص الإنجليزي، وهو أن قرار التأميم جاء نكاية فى الموقف الأمريكى المتعنت. لكن إيحاءات الكلمة فى السياق المصرى خصوصاً لم يكن هيكل ليقبلها).
وأدى تكرار المشكلات التى لاحظها هيكل فى ترجمات تالية قام بها آخرون إلى قراره بأن يكتب بنفسه نصاً عربياً موازياً بعد أن ينتهى من النص الإنجليزي. فكل الشكر للأستاذ سلماوى لما أضافه من معلومات. كما أشار الأستاذ شهدى عطية الذى ذكَّرنى بأن كتاب «خريف الغضب» كان أول كتب هيكل باللغة الإنجليزية التى قام بكتابة نصوص موازية لها بالعربية.
وهكذا ستبقى سيرة هيكل وتجربته موضع لاهتمام، مثلما هى مصدر إلهام.