بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
يُبقيِ الاتفاق على عقد جولة محادثات ثانية بين حركتى «فتح» و«حماس», بعد التقدم الجزئى الذى تحقق فى الجولة التى رعتها مصر قبل أيام. أملاً فى التوصل إلى تفاهم بشأن إدارة مؤقتة فى قطاع غزة.
وهذا فألُ حسن برغم أن الوضع يفرض تحركًا أسرع. فقد تكون الجولة المقبلة هى الفرصة الأخيرة للبدء فى خلق واقع جديد يملك فيه الفلسطينيون زمام المبادرة السياسية بشأن غزة فى الوقت الذى عجز الصهاينة عن تقديم تصور واضح بعد فشلهم فى تحقيق أهدافهم المعلنة منذ أكثر من عام برغم جرائم الإبادة غير المسبوقة.
ويبدو التصور المصري، الذى عُقدت المحادثات قبل أيام لمناقشته، مدخلاً مناسبًا للبدء فى عملٍ مشترك بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وفرصةً لبناء ثقة تدريجية بين حركتى «فتح» و«حماس». فمن شأن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعى المقترحة فى هذا التصور أن يكون بدايةً يُبنى عليها. تختص هذه اللجنة بإدارة ملفات معينة مثل الإيواء والإغاثة والصحة والتعليم والتنمية الاجتماعية، وكذلك معبر رفح. وهذه هى الملفات العاجلة والأكثر إلحاحًا اليوم، والتى تستلزم بالتالى عملاً فوريًا لا ينتظر التوصل إلى تفاهم سياسى شامل.
فهذه لجنة إدارية تضم فى حدود 14 أو 15 من التكنوقراط المستقلين الذين ترشحهم الحركتان وغيرهما من الفصائل الفلسطينية، على أن يكونوا كلهم من أبناء قطاع غزة. وليس هذا وقت مماحكات ناتجة من عدم الثقة المتبادلة، ولا مخاوف تُضخَّمها شكوكُ كل من الطرفين فى نيات الآخر. فلا تتناقض اللجنة المقترحة مع تفضيل حركة «حماس» تشكيل حكومة تكنوقراط، بل يمكن أن تكون خطوة أولى فى اتجاه هذه الحكومة حين تتوافر الظروف الملائمة لها. كما أنه لا محل لمخاوف قد تكون لدى الحركتين من تكريس الفصل بين الضفة والقطاع. فلجنة الإسناد إدارية وليست سياسية. وإذا كانت «حماس» متحفظة على أن تكون مرجعيتها حكومة رام الله التى أُعيد تشكيلها شكليًا قبل شهور، فلتكن منظمة التحرير هى هذه المرجعية. ليس صعبًا إذن، إيجاد حلول توافقية مؤقتة إذا توافرت الإرادة وارتفعت الحركتان إلى مستوى المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقهما.