توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تطرف فى كل مكان

  مصر اليوم -

تطرف فى كل مكان

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

أوروبا مهددة بأكثر مما يتصور بعض متابعى أزمة انفصال إقليم كاتالونيا عن أسبانيا. التهديد لا يقتصر على الاتحاد الأوروبى الذى يمكن أن تُقوَّض تداعيات هذا الانفصال فكرته الأساسية. التهديد أعمق من ذلك، لأنه يتعلق بجوهر أوروبا الحديثة. أوروبا النهضة، والتنوير، والحداثة، أى منظومة القيم وأنماط الحياة التى تُمثَّل قلب التطور الراهن من الحضارة الإنسانية. 

أسهمت عوامل كثيرة فى صعود تيارات قومية متطرفة تتبنى مواقف مناقضة لمنظومة القيم الأوروبية الحديثة فى مجملها، أى لروافدها الليبرالية والمحافظة والديمقراطية الاشتراكية وغيرها. انفصاليو كاتالونيا، مثل غيرهم من الانفصاليين فى أوروبا، قوميون متطرفون. تطرفهم الفكرى لا يقل خطراً عن النسخة السابقة للقومية المتطرفة فى ألمانيا (النازية) وإيطاليا (الفاشية) التى أشعلت أكبر حرب فى تاريخ البشرية حتى الآن. ولكن «توليفة» التطرف القومى الراهن مختلفة، وتجمع أقصى اليمين وأقصى اليسار فى معظم الحالات، بخلاف ما يبدو لمن يعتبرونه تطرفاً يمينياً. 

وليست أوروبا وحدها المهددة بهذا التطرف، بل العالم كله. خطر التطرف القومى لا يقل عن التطرف الديني، فهما وجهان للعملة نفسها من ناحية رفض الآخر، والسعى إلى الانفصال عنه، أو إلغائه، أو إخضاعه. لا مكان لقيمة الحوار لدى المتطرفين دينيين كانوا أو قوميين. الحوار عندهم يعنى إما فرض موقفهم وخضوع الآخر له، أو المناورة والمداورة لكسب الوقت، وإعداد العدة لجعله سبيلاً لتحقيق أهدافهم. ويلاحظ من يتابع تصاعد أزمة كاتالونيا فى الأشهر الأخيرة أن الحوار كان مطروحاً فى مختلف محطاتها، ولكنه لم يحدث. أسهم سوء أداء الحكومة الأسبانية وضحالتها فى دفع الأزمة إلى طريق مسدودة منذ أن حاولت إلغاء الاستفتاء على انفصال كاتالونيا بالقوة. تصرفت بطريقة لا تختلف فى جوهرها عن تلك التى يفكر بها الانفصاليون. وهذا مؤشر على أن عدوى التطرف تنتشر بسرعة. كان فى إمكان الحكومة الأسبانية قبول إعلان تجميد نتيجة الاستفتاء، لكى تتيح فرصة للتفاعلات الطبيعية لتحديد وزن الانفصاليين الحقيقى فيه، لأن التوتر المتصاعد أضعف رافضى الانفصال رغم وجود مؤشرات يُعتد بها على أنهم أغلبية صامتة. 

والحال أن العالم يتجه إلى مرحلة تعلو فيها أصوات التطرف بمرجعياته المختلفة، فى الوقت الذى مازال فيه إدراك حجم الخطر الذى يواجهه محدوداً. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تطرف فى كل مكان تطرف فى كل مكان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon