توقيت القاهرة المحلي 10:50:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل أنت إنسان طبيعى؟

  مصر اليوم -

هل أنت إنسان طبيعى

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

يحدث فى بعض الأحيان أن يصف أحدنا الآخر بأنه «غير طبيعى» حين يبدو له أنه يقول أشياء غريبة أو يأتى بأفعال عجيبة. ويعنى ذلك اختزال فكرة الإنسان الطبيعى، وغير الطبيعى، فى مدى رضاء شخص آخر عنه. 

وتحمل عبارة إنسان غير طبيعى فى هذا السياق دلالة سلبية، ولكنها منبتة الصلة بالخلفية الفلسفية لمسألة الطبيعة وعلاقة الإنسان بها عبر التاريخ. فالاتجاه السائد فى الفكر الإنسانى منذ مطلع العصر الحديث يرى أن حياة الطبيعة التى عاشها الإنسان الأول كانت موحشة قاسية قائمة على صراعات دموية يفتك فيها الأقوى بالأضعف منه. 

ولأن أحداً لا يستطيع معرفة كيف كانت الحياة فى تلك المرحلة البعيدة، فقد انتشر هذا الاعتقاد منذ أن تبناه معظم فلاسفة العقد الاجتماعى الذين بنوا نظرياتهم على أن قسوة تلك الحياة فرضت أن تتفق مجموعات من البشر على تنظيم حياتهم فى صورة مجتمعات تحكمها سلطات تنازلوا لها عن بعض حرياتهم (أو كلها فى بعض النظريات) مقابل توفير المقومات اللازمة لحياة آمنة ومنظمة. 

وبهذا المعنى يكون الإنسان الطبيعى هو البدائى المتخلف الذى عاش حياة الغابة وتصرف كما الحيوانات. ولكن هذه النظرة بدأت فى التغير على استحياء منذ أن خالفها الفيلسوف الفرنسى الرائع جان جاك روسو (1712 ــ 1778)، على أساس عدم وجود دليل يؤكدها، وقدم تصوراً مضاداً لا دليل عليه بدوره وهو أن الإنسان الذى عاش حياة الطبيعة الأولى كان مسالماً وحراً على فطرته. 

ومن أهم إسهامات روسو فى هذا المجال كتابه العميق «أصول التفاوت بين البشر، وجذوره» الذى أحدث جدلاً واسعاً عند إصداره عام 1754، وقدم فيه أول تفسير طبقى لتأسيس المجتمع. 

وظلت نظرية روسو هذه محدودة الانتشار إلى أن بُدئ فى تطويرها فى دراسات عدة فى الأعوام الأخيرة، انطلاقاً من مراجعة النظرة السلبية الشائعة لحياة الإنسان القديم, وتقديم افتراض مضاد مفاده أن البشر لم يكونوا مسالمين وأحراراً فى تاريخهم كلهم إلا فى تلك المرحلة التى عاشوا فيها حياة الطبيعة على سجيتهم دون صراعات لعدم وجود مصالح يتقاتلون عليها، وخاصة فى المراحل التى أتاحت لهم الطبيعة فيها (وكانوا أعداداً قليلة) أن يعيشوا على ما تنبته قبل أن يكتشفوا النار وتدخل حياتهم مرحلة أخرى. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل أنت إنسان طبيعى هل أنت إنسان طبيعى



GMT 08:24 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

بعد عمر طويل

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon