بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
يجدد حجب فيلم «موت ستالين» فى روسيا الجدل حول العلاقة بين الفن عموماً، والدراما السينمائية خصوصاً، والتاريخ. ليس واضحاً هل الحجب نهائى أم مؤقت، لأن القرار الذى حال دون بدء عرض الفيلم فى الموعد الذى كان مقرراً له نص على مراجعته بواسطة لجنة من الخبراء. ولكن المهم أنه حُجب بسبب اعتراض بعض الشخصيات عليه بدعوى أنه يسئ إلى تاريخ روسيا، رغم أن وزارة الثقافة الروسية سبق أن أجازته.
وليس هذا أول فيلم عن الزعيم السوفيتى الأسبق جوزيف ستالين يُمنع فى روسيا. فقد سبقه عام 2014 فيلم «أمر بالنسيان» المستوحى من بعض قصص الترحيل الجماعى لعدد كبير من الشيشان إلى سيبيريا عام 1944. قرار المنع استند على أن الفيلم يتضمن أحداثاً لم تحدث، رغم أنه فيلم روائى وليس وثائقياً. ولكن كثيرين يظنون أن الدراما تُوثَّق التاريخ، ويغفلون أن العمل الفنى الذى يتناول التاريخ يعتبر فناً وليس تأريخاً أو توثيقاً، وأنه ينطوى بالضرورة على خيال، وإلا ما أمكن صنع عدة أفلام مختلفة عن شخصية تاريخية واحدة.
ولذلك يختلف فيلم «موت ستالين» جوهرياً عن أفلام أخرى حول الزعيم السوفيتى نفسه، مثل فيلم استالينب الذى عُرض عام 1992. «موت ستالين» فيلم كوميدى ساخر عن الأيام الأخيرة فى حياة ستالين، والصراع الذى حدث على السلطة بعد رحيله عام 1953، وحتى وصول خروشوف لقيادة الحزب الشيوعى السوفيتى. أما فيلم «ستالين» فهو يستوحى فصولاً من حياة ستالين السياسية والشخصية، منذ ما قبل الثورة البلشفية عام 1917، استناداً على المذكرات التى كتبتها ابنته عندما كانت فى الولايات المتحدة فى الستينيات.
كما أن مخرج «موت ستالين» «أرماندو يانوتشى» صنع عملاً فنياً متميزاً بعيداً عن الانحيازات المسبقة، بخلاف أفلام ركزت على جرائم ارتُكبت فى عهد ستالين، وأهمها ترحيل ملايين الأشخاص للعمل فى ظروف قاسية فى معسكرات سيبيريا، رغم أن بعض هذه الأفلام تعتبر أعمالاً فنية حقيقية مثل فيلم «فى ملتقى الرياح» الذى أُنتج فى استونيا (إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق) وعُرض عام 2015.
ويبدو أن العلاقة بين الأعمال الفنية والأحداث التاريخية ستظل مثيرة للخلط والالتباس اللذين يزدادان عندما يُنظر إلى عمل أو آخر بمنظار سياسى.
نقلا عن الاهرام القاهريه