بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
مر شهر تقريبا على بداية الوساطة الأمريكية حول النزاع على حدوده البحرية بين لبنان وإسرائيل. لم يظهر بعد أثر لهذه الوساطة التى تعد اختباراً ثانياً لواشنطن فى أشهر قليلة، بعد أن رسبت بجدارة فى اختبار القدس، واختارت أن تكون طرفاً وليس وسيطاً.
انفجر النزاع على الحدود البحرية عندما تعاقد لبنان مع ثلاث شركات عالمية للتنقيب عن الغاز فى مياهه الإقليمية، حيث زعمت إسرائيل أن أجزاء من المنطقة التى يشملها التعاقد تدخل ضمن حدودها البحرية، خاصة المساحة التى يُطلق عليها المربع رقم 9.
تريد إسرائيل انتزاع مساحة سبق أن أوصى وسيط أمريكى سابق (كارلوف هوف) بضمها إلى لبنان عندما قدم صيغة توفيقية لتقسيم المناطق المائية المتنازع عليها على أساس أن للبنان 468كم2، ولإسرائيل 392كم2. صحيح أن إسرائيل رفضت ما أُطلق عليه «خط هوف» فى حينه وزعمت أن لها الحق فى نحو 40% من المربع رقم 9. ولكنها لم تقدم دليلاً يقنع هوف بصحة زعمها.
وليست جديدة هذه السياسة التوسعية التى كانت قد بلغت ذروتها فى حرب 1967، ثم بدأت فى التراجع بعد حرب 1973. ورغم فشل هذه السياسة مع مصر التى استردت أرضها المحتلة فى حرب 1967، تمكنت إسرائيل من الاحتفاظ بالجولان، وإيجاد موطئ قدم لها فى لبنان فى منطقة مزارع شبعا.
وهى تسعى الآن إلى انتزاع جزء من مياه لبنان وثرواته، الأمر الذى يؤدى إلى امتداد النزاع ليشمل الحدود البحرية أيضاً. ولكن القادة اللبنانيين، الذين أبلغوا تيلرسون اتفاقهم الكامل على رفض الادعاء الإسرائيلى بشأن الحدود البحرية، أكدوا إصرارهم أيضاً على استعادة النقاط التى تحتلها إسرائيل على الحدود البرية.
وفى ظل جمود الوساطة الأمريكية، يحسن إحالة النزاع إلى الأمم المتحدة.وتشكيل لجنتين أمميتين لرسم الخط النهائى للحدود البرية والبحرية.
غير أن إنجاز هذا العمل سيستغرق وقتاً طويلاً. ونظراً لحاجة لبنان الملحة إلى بدء التنقيب عن الغاز فى موعده المتفق عليه مع الشركات الثلاث، ربما يكون الأفضل أن يبدأ هذا التنقيب فى المناطق التى لا توجد مزاعم إسرائيلية بشأنها، مع تصعيد النزاع على المستوى الدولى سعياً إلى تقصير الفترة التى سيستغرقها حسمه.
نقلا عن الاهرام القاهرية