بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
سيظل الحلم الذى غنت له، واختارته اسماً لأحد ألبوماتها، مستمراً مادامت فلسطين تنجب فنانين وأدباء مثلها. إنها الفنانة الفلسطينية الجميلة ريم بنا التى غادرت عالمنا قبل أيام بعد سنوات طويلة من آلام مرض لم يقعدها عن مواصلة نضالها بواسطة إبداعها الفنى إلا عندما أصاب أحبالها الصوتية.
أمثال ريم بنا يُعَّوضون بإبداعاتهم جزءاً من الخسائر المهولة التى يتسبب فيها سياسيون فلسطينيون من مختلف الفصائل والاتجاهات، أو معظمها. يحافظ إبداع فنانين وأدباء، مثل ريم بنا، على القضية حية رغم أن صراعات السياسيين الفلسطينيين أنهكتها حتى باتت اليوم كما لو أنها فى حال موت إكلينيكى.
نشأت أجيال من الفلسطينيين على فن ريم بنا المبدع، وسينشأ غيرهم، بفضل أغانيها الوطنية للأطفال. الغناء للأطفال، فى الوضع الفلسطينى، وبطريقة ريم بنا المحببة، نوع من النضال الوطنى الذى يبقى أثره عبر الزمن، إذ تتردد أصداء صوتها فى أغان يزداد انتشارها كل يوم، وخاصة أنها أعادت تقديم تراث غنائى فلسطينى كان ممكناً أن يندثر، إلى جانب الأغانى الجديدة التى كتبتها ولحنتها.
وبفضل إبداعها، صارت أغانى الأطفال الوطنية فى بيوت الفلسطينيين الذين لا يزالون قابضين على جمر قضيتهم، ولم ينخرطوا فى صراعات صغيرة لا تتوقف بين الفصائل التى صارت عبئاً عليهم، وظلوا يبحثون عما يُبقى فى قلوبهم الأمل، ووجدوه فى إبداعها.
لقد كان فن ريم بنا، وسيبقى، ملجأ لهؤلاء الذين يجدون فيه تعبيراً عن وجدانهم ومعاناتهم. يسمعون أغانيها التى تُلهمهم إصراراً وتصميماً فى ألبومات مثل «مرايا الروح»، و«مواسم البنفسج»، و«أغانى حب من فلسطين»، و«تجليات الوجد والثورة». أما ألبوم «صرخة من القدس»، الذى شاركها فيه فنانون فلسطينيون آخرون، فهو من أكثر ألبوماتها إثارة للشجن الممزوج بتحدى أسوأ احتلال فى تاريخ الظاهرة الاستعمارية0
والحال أن إبداع ريم بنا، وصوتها، اللذين انبثقا من قلب فلسطين 1948 فى مدينة الناصرة، سيبقيان ملهمين لكثير من العرب المؤمنين بعدالة القضية التى تعرضت لأكبر ظلم فى هذا العصر، سواء من المحتلين الإسرائيليين، أو من القوى الدولية الكبرى، أو من الفصائل الفلسطينية التى هزمت هذه القضية، وفعلت فيها ما لم يكن فى استطاعة أى احتلال أن يفعله.
نقلاً عن الاهرام القاهرية