بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
انكشف موقف من يبررون العملية العسكرية التركية المسماة «غصن الزيتون» فى عفرين السورية، بعد أن طلبت «وحدات حماية الشعب» التى تتصدى لهذا الاعتداء المساعدة من نظام بشار الأسد. اعتمد تبرير هذا الاعتداء على أن «وحدات حماية الشعب» تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطى الكردى، وأن سيطرتها على عفرين تهدف إلى فصل المناطق ذات الأغلبية الكردية فى شمال سوريا، وإقامة دولة فيها.
كان التبرير متهافتاً منذ البداية لأن حزب الاتحاد الديمقراطى الكردى ليس انفصالياً، بل يهدف إلى إقامة نظام ديمقراطى فى عموم سوريا على أساس فيدرالى. كما أن اتهامه بأنه تابع لحزب العمال الكردستانى التركى يتعارض مع الاتهام الخاص بأنه يريد فصل المناطق التى يسيطر عليها فى شمال سوريا.
تجمع الحزبين الكرديين التركى والسورى مرجعية تقوم على الإصلاح الداخلى، وليس على الانفصال، بخلاف الحزب الديمقراطى الكردستانى فى العراق مثلاً. ولذلك لم يكن غريباً أن يطلب حزب العمال الديمقراطى الكردى دخول قوات تابعة للنظام السورى إلى عفرين للمساعدة فى التصدى للاعتداء التركى. فهذا الحزب يعتبر نفسه جزءاً من سوريا، ويريد المحافظة على وحدتها، ولكنه يؤمن بأن الطريق إلى هذه الوحدة يبدأ باحترام التعدد والتنوع والتفاعل الحر بين مختلف المكونات العرقية والدينية والمذهبية وغيرها.
وانكشف موقف أتباع أردوغان أكثر عندما صمتوا تجاه اعتداء قواته على الوحدات التابعة للنظام السورى عندما دخلت إلى عفرين. وينطوى هذا الانكشاف على ما هو أكثر من تبعية مُهينة لنظام أردوغان، إذ يكشف فى الأساس خللاً بنيوياً فى تفكير بعض العرب الذين نشأوا على معاداة الأكراد، ولم يحاولوا فهم طبيعة قضيتهم أو إدراك أبعاد مأساتهم، ولم يفكروا فى مد جسور معهم من أجل بناء وحدة وطنية حقيقية فى البلاد التى توجد فيها أعداد كبيرة من الأكراد، مثل سوريا والعراق.
فقد ظل هؤلاء العرب المعادون للأكراد أسرى صور نمطية سلبية عنهم على مدى عقود، وباتت عقولهم عاجزة عن التفكير بعيداً عن هذه الصور، وغير قادرة على إدراك واقع تفيد معطياته أن السوريين منهم لا يهدفون إلى الانفصال.
ونظراً لتعطيل عقولهم على هذا النحو، صاروا يفضلون احتلالاً تركياً لشمال سوريا على ما يتخيلونه رغبة كردية فى الانفصال.
نقلا عن الاهرام القاهرية