بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لا جديد لدى الإدارة الأمريكية منذ انتهاء جولة وزير الخارجية ريكس تيلرسون فى منطقة الخليج فى نهاية الأسبوع الماضى. لم تحقق تلك الجولة أى تقدم باتجاه حل الأزمة. ولم يترتب عليها سوى بعض الاهتزاز فى صورة الإدارة الأمريكية. افتقر خطاب تيلرسون إلى التوازن الذى يلتزم به من يسعون إلى الوساطة فى أية أزمة. وحاول الرئيس دونالد ترامب أن يستعيد هذا التوازن فى مقابلة صحفية بعد يومين على مغادرة تيلرسون المنطقة. أعاد فى هذه المقابلة ما ورد فى إحدى «تغريداته» المبكرة، وهو أن لقطر تاريخا فى تمويل الإرهاب. وأضاف أن إدارته يمكن أن تنقل قاعدتها الموجودة فى قطر إلى بلد آخر إذا اضطرت إلى ذلك.
ولذا يزداد من يعتقدون فى وجود توزيع أدوار فى الإدارة الأمريكية، وأنها تقصد الحديث بلسانين أو أكثر أحيانا لكى تحقق أقصى استفادة من الأزمة. ولكن هناك تفسيرا آخر ربما يكون أقوى، وهو أن الأزمة المترتبة على سياسات حكام الدوحة تضع واشنطن بدورها فى أزمة لسببين. أولهما أنها عاجلت الإدارة الأمريكية قبل أن يتعود أركانها على التفكير المشترك. وليست هذه الإدارة الأولى التى اختلفت طرق تفكير أركانها فى البداية, ثم حدث تفاهم بينهم. ولكنها تحتاج إلى وقت أطول لأن رئيسها ووزير خارجيتها قادمان من خارج الطبقة السياسية.
أما السبب الثانى فهو السعى إلى إدارة الأزمة القطرية, بدلا من اتخاذ موقف حاسم باتجاه حل جذرى لها. والأرجح أن تواصل الإدارة الأمريكية إدارة الأزمة سعيا إلى خفض التوتر المترتب عليها، أو على الأقل منع تصاعدها، وأن تحاول فى الوقت نفسه إعطاء انطباع بأنها تريد حلها. وربما تبحث عن طريقة تتيح لها الاستمرار فى إدارة الأزمة, ولكن بدون أن تضع نفسها فى اختبار خاسر جديد من نوع مذكرة التفاهم التى وقعها تيلرسون مع وزير خارجية قطر لمكافحة تمويل الإرهاب.
أساءت واشنطن إلى دورها ومكانتها عندما تمخضت وساطتها عن ورقة لا قيمة لها قانونيا، ولا جدوى منها عمليا، ولا تتضمن أية آلية للتحقق من وقف تمويل الإرهاب. والمتوقع أنها ستتجنب مثل هذا الخطأ فى أى تحرك قادم, ولكن دون أن يعنى ذلك أنها ستقوم بالعمل الصائب فى المدى القصير على الأقل