بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
تعد شهادات «أمان»، التى بدأ طرحها فى 4 بنوك عامة لتوفير غطاء تأمينى للفئات الأكثر ضعفاً، من أهم الخطوات الإيجابية على المستوى الاجتماعى فى بلادنا. وربما تكون التطور الأكثر أهمية منذ عدة عقود باتجاه تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية.
فقد ظلت فئات اجتماعية عدة محرومة من أحد أهم مقومات الرعاية الاجتماعية لأن أفرادها لا يعملون فى مؤسسات أو هيئات أو شركات يلزمها القانون بالتأمين عليهم، أو لكونهم يعملون فى أعمال غير منتظمة أو موسمية أو مؤقتة. بدأ التنبيه إلى مشكلة الفئات المحرومة من مظلة تأمينية منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت قضية العدالة الاجتماعية ضمن الأولويات الرسمية فى تلك المرحلة، التى شهدت توسعا فى الإجراءات الهادفة إلى الحد من التفاوت الاجتماعي، وتوسيع مساحة الطبقة الوسطي. ورغم ذلك لم تكن مشكلة من لا يحظون بمظلة تأمينية ضمن اهتمامات صانعى السياسة الاجتماعية فى ذلك الوقت.
وكانت حالة من أُطلق عليهم حينها عمال التراحيل هى الأكثر وضوحا على صعيد غياب الغطاء التأميني، لأن الإجراءات المرتبطة بسياسة الإصلاح الزراعى خلقت أجواء تفاؤل فى الأرياف، وغطت مشكلة عدم تمتع الفلاحين بهذا الغطاء. غير أن التغيرات الاجتماعية الواسعة التى حدثت منذ السبعينيات، وأحدثت تحولات مهولة ومعقدة فى خريطة المجتمع، أدت إلى ازدياد غير المشمولين بمظلة التأمينات فى الأرياف والمدن على حد سواء, حتى بلغ عددهم اكثر من 15 مليونا.
ومن هنا أهمية الاتجاه إلى توفير هذه المظلة الآن عبر آلية جديدة عن طريق البنوك العامة الرئيسية التى طرحت نوعا جديدا من شهادات الادخار لهذا الغرض بعائد يبلغ 16%.
ومن مزايا هذه الشهادات أن حائزيها يحظون بغطاء تأمينى فوري، حيث تتضمن الإجراءات التى تنظمها صرف تعويض لورثة الحائز حتى إذا توفى بعد شهر واحد على شرائها. وترتبط قيمة التعويض بظروف الوفاة ومسبباتها.
وهذه بداية جيدة لبناء مظلة تأمين نأمل أن تشمل غير المشمولين بالتأمين الاجتماعى جميعهم، بحيث لا يبقى أحد فى مصر دون غطاء تأميني، وأن تؤسس لخطوة تالية أكثر تقدما تتيح توفير معاش شهرى للمستفيدين من شهادات «أمان» ولورثتهم إلى جانب التعويض الذى تتيحه لهم هذه الشهادات دون استبدال المعاش بهذا التعويض.
نقلا عن الاهرام القاهريه