بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
يعيدنا استشهاد رئيس حركة «حماس» يحيى السنوار قتلا برصاص قوات الاحتلال فى مواجهة مباشرة، وليس اغتيالا من بُعد، إلى بدايات المقاومة فى ثلاثينيات القرن الماضى وأربعينياته. ليسوا كثيرًا قادة هذه المقاومة الذين استُشهدوا فى معارك خاضوها وجهًا لوجه، وكان أكثرهم فى مرحلة المقاومة الأولى المبكرة، وفى مقدمتهم عز الدين القسام 1935 وعبدالقادر الحسينى 1948. اختلف الوضع كثيرًا بعد ذلك. تقلصت المقاومة لأكثر من عقد تخللته عمليات صغيرة محدودة من قطاع غزة فى الخمسينيات, إلى أن استؤنفت فى مطلع عام 1965.
ولكن الطريقة التى استُشهد بها السنوار تُعيدنا إلى مرحلة البدايات الأولى. فقد ارتقى القسام شهيدًا فى معركة يعبد فى جنين نوفمبر 1935 بعد أن رفض ورفاقه دعوة قائد قوة بريطانية اشتبكوا معها الاستسلام. لم يكن استشهاد الشيخ السورى الأزهرى فقط هو الذى أضاء طريق المقاومة بعده، بل تاريخه الكفاحى أيضًا. فقد قاوم أولا الاحتلال الفرنسى لبلده، وخاض معارك عدة ضد المحتلين. وعندما ضيقوا الخناق عليه، انتقل إلى حيفا عام 1920 وتولى إمامة مسجد الاستقلال فيها، وبدأ فى نشر الوعى بخطرٍ رآه وشيكًا عندما استقوى اليهود الوافدون بمقدار ما ازدادت أعدادهم، خاصةً عندما أخذوا فى تجاوز ما كان مباحًا لهم فى حائط البراق، فقاد عملية تنظيم حراسة المسجد الأقصى ليلا ونهارًا. وأسَّس بعد ذلك مجموعة مقاتلة للدفاع عنه، وغيره من المناطق التى وجد الخطر يزداد فيها، إلى أن لقى ربه فى معركة غير متكافئة.
ومضى مقاومون آخرون على دربه، ومن بينهم عبدالقادر الحسينى الذى خاض مع رفاقه قبل حرب 1948 وخلالها معارك فى مناطق عدة، مثل صورين بين الخليل والقدس، وبيت سوريك بين القدس ورام الله، وبيت لحم وغيرها، إلى أن استُشهد مقاتلا فى معركة القسطل أبريل 1948. ولم تكن معارك ذلك العام إلا خاتمة مسار كفاحى بدأ فى مايو 1936 بعد شهور من استشهاد القسام عندما أسهم الحسينى فى إشعال الثورة التى استمرت حتى 1939.
فسلام لأرواح كل شهداء المقاومة سواء من ارتقوا فى معارك أو اغتيلوا غدرًا وغيلة.