توقيت القاهرة المحلي 16:35:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كل هذه الكراهية

  مصر اليوم -

كل هذه الكراهية

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

هباءً ذهبت جهود متواصلة بُذلت على مدى نحو قرن ونصف لوضع قواعد تكفل الحد الأدنى من السلوك الإنسانى خلال النزاعات والحروب. ما يحدث فى منطقتنا البائسة الآن يهيل الثرى على هذه الجهود التى أقرت منظومة كاملة من الاتفاقيات الممتدة من اتفاقية جنيف لعام 1864، وحتى اتفاقيات 1949 الأربع فى جنيف أيضا وبروتوكولاتها الإضافية.

وضعت هذه الاتفاقيات القواعد التى يفقد البشر صفتهم الإنسانية إذا تجاوزوها، مهما تكن حدة المعارك التى يخوضونها، أو حتى عدالتها من وجهة نظر هذا أو ذاك منهم.

فى عدة بلدان عربية الآن انتهاكات ممنهجة لهذه القواعد على نحو يفرض التساؤل عما إذا كانت الكراهية يمكن أن تصل إلى حد تجريد أعداد مهولة ممن يُعدون بشراً من الإنسانية على هذا النحو.مفهوم أن تبلغ الكراهية هذا المبلغ فى حالة أو حالات محدودة، فيكون التجرد من الإنسانية استثنائياً أو خارجاً عن المألوف. ولكن ما يحدث هو أن عشرات الآلاف, وربما أكثر, ينتهكون القواعد المتضمنة فى الاتفاقيات المتعلقة بأوضاع المدنيين فى الحروب والنزاعات المسلحة، ويذهبون إلى أقصى مدى فى تجويع سكان مناطق بأكملها وإذلالهم وتركهم فى أوضاع يصبح الموت خيراً من استمرار الحياة فى ظلها.

وليس منع وصول المساعدات الإنسانية إلى مناطق يتضور أطفال فيها جوعاً، ويزداد عدد من يلفظون أنفاسهم لعدم وجود علاج أو دواء يتوقف استمرار حياتهم عليه، إلا آخر تداعيات الكراهية المجنونة التى لا يبقى معنى للإنسانية فى ظلها. ولم يعد الهدف من منع المساعدات مقصوراً على إرغام سكان منطقة أو أخرى على الركوع. فقد أصبح السطو على هذه المساعدات وبيعها أمراً شائعاً فى معظم البلدان التى تشتعل فيها حروب داخلية, وخاصة فى سوريا حيث تنتهك معظم الأطراف المتحاربة أبسط قواعد معاملة المدنيين فى المناطق التى تحاصرها. وحتى فى جنوب السودان، حيث »احتفل« العالم بإقامة دولته قبل 5 سنوات، يتنافس طرفا النزاع فى انتهاكات من هذا النوع.

وليس هذا إلا نذراً يسيراً من انتهاكات يتجلى فيها التجرد من الإنسانية. وهذا بعض ما تفعله الكراهية التى نستهين بها حين نظن أن نشرها يحقق تعبئة سريعة فى معركة ما دون أن يدرك مروَّجوها أن خطرها عليهم لا يقل عن غيرهم.

المصدر : صحيفة الأهرام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كل هذه الكراهية كل هذه الكراهية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon