بقلم - د. وحيد عبدالمجيد
لم تشهد الولايات المتحدة حملات تهدف إلى فرض ضوابط على حق أى أمريكى فى حمل السلاح، مثل تلك التى لم تتوقف منذ المجزرة التى ارتكبها تلميذ سابق أطلق النار فى مدرسة بولاية فلوريدا الشهر الماضي، وقتل 17 شخصاً بينهم 14 تلميذاً. حملات تبدو أقوى من أى وقت مضي، رغم أن الجدل حول حرية حيازة السلاح ليس جديداً.
يتوجه منظمو هذه الحملات إلى الكونجرس للمطالبة بإعادة النظر فى التعديل الثانى للدستور الذى ينص على (عدم المساس بحق الناس فى حيازة أسلحة وحملها). يبدو النص قاطعاً جازماً لا يتحمل تأويلاً. فقد اعتقد من تبنوا حق حمل الأسلحة، فى ذلك التعديل، أنه يساعد فى تحقيق الأمن لكل فرد عندما يكون لديه سلاح يدافع به عن نفسه. ولكنه تحول إلى أداة لخدمة مصالح لوبى الأسلحة صاحب النفوذ القوي، وعائق أمام فرض ضوابط حيازة السلاح وحمله بعد أن ازداد استخدامه فى ارتكاب جرائم باتت تثير الخوف فى المجتمع، أى صار وسيلة للقتل يحميها الدستور ويبيحها القانون.
ولم يُحدث القانون الذى صدر عام 1993، وفرض التدقيق قبل بيع السلاح لمن سبق الحكم عليهم فى قضايا جنائية، ومن يعانون اضطرابات عقلية، أثراً يُذكر فى معدلات الجرائم التى تُرتكب بسهولة لأنه يتعلق بفئتين محدودتين فى المجتمع.
ولذلك يتجه الضغط الآن إلى محاولة مراجعة النص الدستورى الذى وُضع قبل أكثر من قرنين من الزمن، ويرى بعض الأمريكيين أن فلسفته المتعلقة بدعم الشعور بالأمن انتفت بعد أن أصبح سبباً فى ازدياد الإحساس بعدم الأمن فى الأماكن العامة، وخاصة فى المدارس على النحو الذى اعترف به ضمناً أنصار حيازة السلاح وحمله عندما طرحوا «حلاً» من عينة المشكلة، وهو إجازة تسليح بعض المدرسين والموظفين فى المدارس ليكونوا قادرين على التصدى لمن يُطلق النار فى داخلها، وأقر مجلس النواب المحلى فى ولاية فلوريدا قانوناً بهذا المعني.
ولأن هذا ليس حلاً، فليس أمام الداعين إلى فرض ضوابط على حمل السلاح إلا مواصلة حملاتهم التى تصاعدت فى الأسابيع الأخيرة، ولكنها لم تبلغ بعد المستوى الذى يدفع رافضى هذه الدعوة فى أوساط الطبقة السياسية، ومن ثم فى الكونجرس، إلى إعادة النظر فى موقفهم.
نقلا عن الاهرام القاهرية