توقيت القاهرة المحلي 06:23:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد الرأسمالية

  مصر اليوم -

ما بعد الرأسمالية

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

كثرت المفاهيم التى تقوم على افتراض الانتقال إلى مرحلة جديدة من التطور فى بعض المجالات، ولكن دون تحديد ماهية هذه المرحلة أو إطلاق اسم محدَّد عليها، والاكتفاء بأنها تأتى بعد مرحلة تسبقها. ومازال مفهوم ما بعد الحداثة هو الأكثر شهرة بين هذه المفاهيم التى يمكن أن تسميها «ما بعدية».

غير أن أحدث المفاهيم التى يمكن إدراجها فى هذا الإطار بدأ الحديث عنه فى سياق الجدل حول ما بعد الرأسمالية، ولكنه لم يلبث أن حمل اسم الاقتصاد المعرفى أو الاقتصاد الرقمي. ويحتاج الأمر هنا إلى تدقيق طبيعة العلاقة بين مفهومى ما بعد الرأسمالية، واقتصاد المعرفة أو المعلومات0 فهما متقاطعان, وليسا مترادفين, وإن كانت القواسم التى تجمعهما أكثر من الاختلافات التى تفصلهما.

ويعود عدم التطابق هنا إلى أن اقتصاد المعرفة يظل رأسماليا من حيث انه يقوم غالبا على المشروع الخاص، ويرتبط بتفاعلات السوق، ويزدهر كلما اتسع نطاق الحرية الاقتصادية وغيرها من الحريات لأنه يعتمد على الابتكار العقلى والإبداع الفكرى والحافز الفردي.

ولكن رأسمالية اقتصاد المعرفة تختلف كثيرا عن الرأسمالية التقليدية التى تعتمد على أصول ثابتة مثل الأرض والمزرعة والمصنع والآلة والمواد الخام، وعلى رأس المال المالى بطبيعة الحال. اقتصاد المعرفة لا يحتاج إلى كل هذه الأصول الثابتة، أو قل إنه لا يحتاج إلا إلى أقل القليل منها، لأنه يرتبط بالعقل الذى يبتكر ويستخدم لغة الكمبيوتر، وتظهر نتائج إبداعه فى أفكار تنبض فى عقول المبدعين وتتحول إلى نبضات إلكترونية، بعيدا عن خطوط الإنتاج التقليدية.

وبسبب هذا الفرق الجوهري، تقل احتمالات الاحتكار فى اقتصاد المعرفة على المدى الطويل, رغم وجود «حيتان» كبيرة الآن. فلا يستطيع أحد أن يحتكر الابتكار والإبداع. وفى إمكان الجميع استخدام التقنيات الرقمية لإنتاج أفكار جديدة تتحول إلى مشاريع لا تستمد قيمتها من أصول ثابتة، بل من هذه الأفكار التى هى بطابعها متغيرة ومتطورة ومتجددة باستمرار.

وإذا كان الأمر كذلك, فمن الصعب الحديث عن تقدم حقيقى فى هذا العصر دون إعطاء أولوية لتوسيع مساحة اقتصاد المعرفة على حساب الاقتصاد التقليدي. وهذا بعض ما ينبغى أن ننتبه إليه إذا أردنا بناء اقتصادنا على أسس قوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد الرأسمالية ما بعد الرأسمالية



GMT 09:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 09:10 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 09:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 09:06 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 09:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 09:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 08:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الاستقلال اليتيم والنظام السقيم

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon