بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
دخلت الأديبة الإنجليزية جين أوستن التاريخ مرة جديدة بعد وضع صورتها على عملة نقدية فئة 10 جنيهات استرلينى. وصارت أول كاتبة فى العالم تحظى بهذا التكريم غير العادى الذى لا يضاهيه أى احتفاء، لأن ملايين الناس سيتداولون العملة التى تحمل صورتها أو بالأحرى رسم لها لأنها رحلت عام 1817 قبل اختراع التصوير الفوتوغرافى.
غير أن اختيار البنك المركزى البريطانى أوستن دون غيرها لهذا التكريم لابد أن يثير سؤالاً عن المعايير التى تجعلها مفضَّلة على كبار الروائيين الإنجليز.
وعندما نبحث فى أصل الموضوع، نجد أنه لا علاقة له بالذكرى المائتين لرحيلها. فمن تقاليد هذا البنك أنه يُغَّير من وقت إلى آخر صور الشخصيات العامة التى يضعها على فئات الجنيه الإسترلينى. وعندما حان وقت استبدال بعض الصور، ومنها صورة البروفيسور(ة) اليزابيث فراى التى أحدثت ثورة فى تشريعات السجون، لكى توضع مكانها صورة رئيس الوزراء الأسبق تشرشل، كان ضرورياً اختيار صورة امرأة أخرى. وأسرع آلاف من محبى أدب أوستن لتقديم التماس لوضع صورتها. وليس معروفاً هل قبلت إدارة البنك الالتماس من تلقاء نفسها، أم استطلعت آراء كبار النقاد. ولكن ما حدث أن البنك اختار صورة مرسومة لها ليضعها مكان صورة تشارلز داروين صاحب نظرية النشوء والارتقاء. وأُضيفت إلى الصورة عبارة وردت على لسان إحدى شخصيات روايتها الأكثر شهرة «كبرياء وتحامل» وهى (أعتقد الآن ألا شىء يعادل متعة القراءة). وأياً كان الأمر، فرغم أن أعمال جين أوستن تلقى رواجاً واسعاً، فقد ظل الخلاف على قيمة إسهامها كبيراً بين فريقين من النقاد. يرى أحد الفريقين أنها قامت بدور ريادى فى تطوير الرواية الإنجليزية فى مهدها، وفى التعبير عن شوق المرأة إلى التحرر من الشروط الاجتماعية القاسية التى أجهضت أحلامها فى النصف الثانى من القرن الثانى عشر.ويذهب الفريق الثانى إلى أن البناء الدرامى ليس مكتملاً أو مُحكماً فى معظم أعمالها، وأنها كتبت «مشاريع روايات» بخلاف عمالقة الرواية الإنجليزية بعدها مثل تشارلز ديكنز، مادام المطلوب أن تبقى صورة المرأة حاضرة فى العملة البريطانية.