توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأديب .. والتعذيب

  مصر اليوم -

الأديب  والتعذيب

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

يخطئ من يظن أن الإبداع لا يستطيع تغيير الأوضاع إلى الأفضل مهما يكن الجمود السياسى والاجتماعى. فالقوة الناعمة للعمل الإبداعى فى اى بلد أقوى من مختلف أدوات القوة الصلبة مهما تكن خشونتها وقسوتها. وأكثر من يخطئ فى تقدير أهمية قوة الإبداع الناعمة هم المبدعون الذين يصيبهم إحباط أو يأس. ويحدث ذلك بصفة خاصة لمن لا يجدون أثراً لإبداعهم، أو يشعرون بأنه يضيع هباء، ولا يتمتعون برؤية تاريخية واسعة وبعيدة. 

فالإبداع يؤثر بطريقة تراكمية، وليست فورية، وتظهر نتائجه بعد وقت قد يطول. ولكن لهذه القاعدة استثناءات حقق فيها الإبداع أثراً فورياً كبيراً. ولعل أبرز هذه الاستثناءات رواية الأديب الروسى العظيم دستوفيسكى “ذكريات من منزل الأموات” التى يُرجح أنها أُصدرت للمرة الأولى بين عامى 1861 و 1862. وتصف هذه الرواية حياة المعتقلين فى السجون الروسية من خلال تجربة دستوفيسكى حين حل ضيفاً على أحدها. ولجأ فيها إلى صيغة الراوى الذى وصف تفاصيل حياته القاسية فى معتقل بسيبيريا، والتعذيب الذى تعرض له, والعلاقات بين المعتقلين معه، ومشاعرهم الإنسانية التى أبدع فى الغوص فيها. 

فقد استخدم كل موهبته الأدبية فى هذا النص الذى رأى بعض النقاد أنه ليس رواية بالمعنى الدقيق, لأنه اعتمد فيه على أسلوب الفقرات القصيرة رغم ان كل فقرة منها تبدو كأنها لوحة فنية بالغة التعبير. 

والمهم أن ضابطاً كبيراً من الأسرة المالكة (نيقولاى أورلوف) قرأ الرواية، وفهم أنها ليست من نسج خيال مؤلفها لانه يعرف أنه كان معتقلاً، وهاله ما يحدث فى المعتقلات، فتدخل لدى القيصر طالباً إلغاء ما كان يُطلق عليه عقوبات جسدية. وأثار مطلبه ذاك جدلاً واسعاً وحاداً خرج من دوائر السلطة إلى المجتمع، وانتصر القيصر فى النهاية للاتجاه الذى يطالب بإلغاء التعذيب, وقرر إلغاء الكير من أساليبه ومعاقبة من يرتكبونها. 

وقد دشَّن دستوفيسكى بعمله هذا ما صار يُعرف بأدب السجون الذى انتشر على نطاق واسع بعد ذلك, حيث نُشرت مئات الأعمال الادبية فى هذا المجال, ومنها عشرات في العالم العربي. والملاحظ أن دور نشر عربية عدة أعادت طباعة بعض هذه الأعمال في السنوات الاخيرة لان ثورات الربيع العربى أدت الى توسع الاهتمام بقضية حرية الانسان وكرامته. 

المصدر: صحيفة الاهرام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأديب  والتعذيب الأديب  والتعذيب



GMT 10:49 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

ثورة يناير .. حكاية وطن

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon