بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يحمل استئناف التصعيد فى بعض مناطق جنوب غرب سوريا, التى تم الاتفاق فى 7 يوليو الماضى على إعلان هدنة فيها اخطارا تتجاوز فشل أهم خطوة باتجاه إنقاذ أرواح السوريين, وإعطاء أمل فى التوصل إلى حل سياسى لأزمة مأساوية طال أمدها، ثمة خطر آخر لا يقل أهمية, وهو تمكين اسرائيل من مواصلة حصد المكاسب الكبيرة التى حققتها فى الفترة السابقة على هذه الهدنة عندما تمكنت من إيجاد آلية لنقل جرحى ومصابى المعارك إلى مستشفياتها لتلقى العلاج، الأمر الذى أتاح لها فرصة غير مسبوقة لكسب تعاطفهم.فقد حظيت هذه المنطقة باهتمام فائق من جانب إسرائيل منذ انفجار الحرب السورية, وحرصت على أن يكون لها حضور قوى فى التفاعلات المرتبطة بمعاركها، فهذه منطقة محورية بالنسبة إلى أمنها، ليس بسبب الحدود المشتركة فقط، ولكن نتيجة وجود وحدات من حزب الله، وجماعة «خالد بن الوليد» التابعة لتنظيم «داعش» فى الطريق بين الجنوب ودمشق.
وسعت إسرائيل إلى إعطاء حضورها فى هذه المنطقة شكلا «إنسانيا» من أجل تغيير صورتها لدى المصابين والمرضى السوريين بشكل جذري. وقد عبر أحد العائدين الذين استغرق علاجهم فترة طويلة عن هذا المعنى أخيرا، حيث بدا فى حالة انبهار وهو يتحدث إلى مراسل صحفى مشيدا بالعناية التى حظى بها، والتقدم الذى شاهده هو وزملاؤه: (لم يطلب أحد تغيير موقفنا من إسرائيل فى أثناء علاجنا هناك. عاملونا كمصابين نتلقى علاجا، وأعادونا بعد أن تأكدوا من شفائنا، وأبلغونا أنهم صاروا مطمئنين علينا).
وهذه الطريقة تبدو شديدة الفاعلية عندما يُراد تحقيق تغيير فى ثقافة مجتمع، وليس فى موقف شخص أو أشخاص. فالروايات التى يعود بها من يُعالجون فى إسرائيل تنتشر فى محيط كل منهم، ومنها إلى مناطق أخري، وتؤدى إلى إجراء مقارنات تنتهى كلها لمصلحة إسرائيل التى أضافت إلى مكاسب إستراتيجية حققتها فى السنوات الأخيرة مكسبا أهم وأكثر تأثيرا فى المستقبل. فقد كسبت قلوب بعض السوريين بطريقة يمكن ان تؤدى إلى تغيير ثقافى قد لا يقف عند حدود سوريا مادام اهتراء الوضع العربى العام مستمرا ومتزايدا. ولذا نأمل فى معالجة العوامل التى تهدد هدنة الجنوب لكى لا تحقق إسرائيل مزيدا من المكاسب.