بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
تحالف عسكرى روسى-كورى شمالى يتجسد الآن فى معارك مدينة كورسك، بعد توقيع اتفاقية تعاون دفاعى بين الدولتين خلال زيارة الرئيس بوتين إلى بيونج يانج فى منتصف يونيو الماضى. ليس فى الاتفاقية بند صريح عن التحالف العسكرى. ولكن النص على المساعدة المتبادلة عند حدوث أى عدوان على أحد الطرفين ينطوى على المعنى المقصود بهذا التحالف.
مشاركة جنود كوريين شماليين فى الحرب ضد أوكرانيا ليست الحالة الأولى للتعاون -التحالف العسكرى الجديد. تجلياته ظهرت فى مواقف عدة، وفى تزويد روسيا بصواريخ باليستية وأنظمة مدفعية. ولكن إرسال جنود لدعم المجهود الحربى الروسى يُعد تطورًا نوعيًا يجيز الحديث عن تحالف عسكرى كامل الأركان تقريبًا.
ويلفت الانتباه أن هذا التحالف دُشن بعد شهر ونصف الشهر تقريبًا من إعلان تأسيس تحالف «كواد» الذى يضم الولايات المتحدة واليابان واستراليا والفلبين فى أول مايو. ربما يبدو للوهلة الأولى أنه لا توجد علاقة مباشرة بين التحالفين. فالتحالف الروسى- الكورى الشمالى مرتبط بحرب أوكرانيا، وميدانه محصور حتى الآن فى شرق أوروبا. أما تحالف «كواد» فهو موجه فى الأساس ضد الصين، وميدانه محدود بشرق آسيا، إذ يهدف إلى محاولة احتواء بكين وتطويق نفوذها فى منطقة الإندوباسيفيك «المحيطان الهندى والهادى» التى تسعى الولايات المتحدة إلى توسيع حضورها فيها.
ومع ذلك فكل تحالف عسكرى، أيًا تكن أطرافه وميدانه وهدفه، يفاقم الأمن الإقليمى فى المنطقة التى يعمل بها، ويزيد التوتر السائد الآن فى العلاقات الدولية التى تمر فى مرحلة بالغة الدقة.
وربما جاء سماح واشنطن لأوكرانيا قبل أيام باستخدام الأسلحة التى تزودها واشنطن بها لضرب عمق الأراضى الروسية, وحذو لندن وباريس حذوها, ردًا على بداية مشاركة الجنود الكوريين الشماليين فى حرب أوكرانيا. وهذا تطور نوعى جديد وخطير. فقد استخدمت كييف صواريخ أتاكمز فى قصف منطقة بريانسك الروسية، وردت موسكو بالصاروخ الباليستى الجديد «أوريشنيك» أو شجرة البندق فى مدينة دنيبرو وسط اوكرانيا. وهكذا بدأت مرحلة جديدة نوعيًا فى حرب أوكرانيا, وباتت مهمة الرئيس المنتخب ترامب, الذى تعهد بوقفها فى أسرع وقت, أكثر تعقيدًا.